وأكثر البِدَع من اختراع هؤلاء، وإنَّما تبعهم الناس فيها لاشتهار بعضهم بالزُّهد والتصوُّف، أو بعلمٍ آخر غير العلم المشروط في الاجتهاد.
وقد حقَّقنا في "رسالة العبادة" أنَّ الزُّهاد والعُبَّاد لا يعتدُّ بأقوالهم ما لم يكونوا من العلوم المعروفة بدرجة الاجتهاد، وأنَّ الكَشْف ليس من الحُجَج الشرعية، وأنَّ الوَلِيَّ يخطئُ كما يخطئُ غيره، بل الخطأ أقرب إليه؛ لغلبة حُسْن الظن عليه.
وحقَّقنا أنَّ الأحوال المكتسبة بالرِّياضة التي لم يندب إليها الشرع ليست من الولاية الصحيحة في شيءٍ، وإن صارت حياة صاحبها كُلَّها خوارق وغرائب، وأوضحنا ذلك ببراهينه.
نعم قد يكون للرجل من هذا الضَّرْب عذر يرفع عنه الملامة، وكذا لِمَن تَبِعَه جاهلًا بحقيقة الأمر معذورًا بجهله.
وقد حقَّقنا في "رسالة العبادة" ما يكون من الجهل عذرًا، وما لا يكون، فمهما أمكن أن يكون له عذر فلا يجوز الحكم عليه بالهلاك أو الإثم، بل لعلَّه يكون في نفسه من الصَّالحين الأخيار، ولكن احتمال كونه معذورًا لا يكون مسوِّغًا لاتِّباعه.
الضَّرْب الثالث: من يقيس على نصوص المجتهدين ويستنبط منها، وهو