للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا قوي جدًّا بالنسبة إلى كلام المصنِّفين، ومَن في معناهم مِن المفتين.

ويؤيِّده أنَّ القائلين بمفهوم المخالفة يشترطون أن لا يكون المتكلِّم جاهلًا بحكم المسكوت عنه، والجهل ممكن في المصنِّفين والمفتين.

ويشترطون أن لا يكون القيد خرج مخرج الغالب، وقد خالف في هذا إمام الحرمين (١)، وخلافه قويٌّ بالنسبة إلى كلام الله تعالى وكلام رسوله؛ لأنه يبعد أن يُحْمَل قوله تعالى: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣] على أنَّه لا معنى له، وإنَّما جَرَى مَجْرَى الغالب؛ إذ ليس في موافقة الغالب فائدة تُذكر، مع أنَّ زيادة ذلك تُنْقِص الفائدة، وتُوقِع في الخطأ. وعلى نحو هذا يقال في كلام رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.

فأمَّا المصنِّفون ونحوهم فلا يبعد أن يجري على ألسنتهم زيادة الكلمة موافقة للغالب.

وأمَّا القياس فمالك لا يكاد يعتدُّ به في العبادات، كما قرَّره الشاطبي في "الموافقات" (٢)، وعامَّة البدع التي نحن في صدد البحث عنها إنَّما هي في العبادات.

وشرط الاحتجاج بالقياس أن لا توجد دلالة أقوى منه من كتاب أو سنة. وعدم الوجدان إنَّما يُعْتَدُّ به في حقِّ المجتهد المستقل، وأمَّا مجتهد المذهب فلا أثر لعدم وجدانه؛ لقصور معرفته بالكتاب والسنة. على أنَّ كثيرًا


(١) كما في "البرهان" له (١/ ٤٧٧).
(٢) "الموافقات" (٢/ ٥١٩)، وبنحوه في: "الاعتصام" له (٣/ ٥٤).

<<  <   >  >>