أما الزّمانُ بالنسبة للفعل، فإنّه جديرٌ بالإهتمام؛ ذلك أن للفعل مراتبُ زمنيةٌ مختلفةٌ. ولهذا فإن علاقة الفعل بالزمان أشمل بكثير من القدر الذي حصرها علماء العربية في صِيَغٍ ثلاثٍ. وربما لم يكن غَرَضُهُمُ الوقوفَ على مفهوم الزّمانِ مباشرةً، وإنما أرادوا أن يتوصّلوا إلى تعريفٍ للفعل يميّزُهُ عن الإسمِ والحرفِ، فاقتصروا في هذه المحاولة على تقسيمه إلى الماضي والحال والإستقبال فحسب. وقد سمّىَ بعضُهُمْ الصِّيَغَ بالأزمنة الثلاثة. لذا، فإنّ المسئلةَ غيرُ واضحةٍ؛ حيث أن طالب اللّغةِ العربيةِ قد يكون متردِّداً حول هذه القضية، فيتسائل عما إذا كانت هذه التسميةُ تعبيراً عن الصِّيَغِ الفعليةِ أم المراتبِ الزمنيةِ؟
نعم إنّ الفعلَ بوقوعه حقيقة، لا ينفكُّ عن الزّمانِ على الإطلاق، وهذا لا يدخل في نطاق دراستنا. إذ أنّ الفعلَ حاليٌّ عند وقوعه البتة، ويصبح ماضياً بعد وقوعه حقيقة. وهو مستقبل ما لم يقع. فهذه لا تتعدَّى عن تصورات منطقية بحتة.
وإنما نحن بصدد الصّيغةِ الزّمنيّةِ الموضوعةِ للفعل. فالصيغة الزّمنيّةُ لها دلالات مقرونة بأحد الأزمنة المطلقة؛ وهي الماضي والحال والإستقبال؛ كبناء الماضي على الفتح، واستهلال المضارع بأحد حروف المضارعة، ودخول السين وسوف على المستقبل. فإذا كانت هذه القرائن تدلُّ على المراتب الزمنية للفعل، فإنّ علاقة الفعل بالزمان أكثر شمولا من هذا التقسيم. إذ لا يخفى أنَّ للصّيِغةِ الواحدةِ من الفعل دلالاتٌ متعلقةٌ بأزمنةٍ مختلفةٍ على حسب ما يصطحب الفعل من كلمات أو تركيب. مثلاً فإن (اِنْتَهَى) ، وهو فعلٌ ماضٍ، لكن قد يفيد في كلِّ مثالٍ من الأمثلة الآتيةِ الخمسةِ معنى لمراتب الزمان الغابر، يختلف ذلك المعنى في كلِّ واحدٍ منها عن الدلالاتِ الزمنيةِ في بقيةِ الأمثلةِ بسببِ الأدواتِ التي لَحِقَتْ بها وهي: