إنّ المرتبةَ الزمنيةَ التي يدلُّ عليها فعلُ (انتهَى) في كلِّ مثالٍ من الأمثلةِ المذكورةِ، تختلفُ عن بقيَّهِ المراتبِ الزّمنيةِ في الأمثلة الأخرى، مع أن فعل (انتهى) قد وَرَدَ في كلٍّ من هذهِ الأمثلةِ على السواء. وأغربُ من هذا فإنَّ فعلَ (انتهى) ـ على سبيل المثال ـ في جملة: "إذا انتهى الأجل، إنتهى الوجل" يدلّ على مستقبلٍ مُعَلَّقٍ مع أنّه فعلٌ ماضٍ.
أما إذا قيل: إنما لم يَدْخُلْ علماءُ العربيةِ من الصرفيّين والنحويّين والأدباءِ في هذه التفاصيل تجنُّباً من التّطويل في المسائل، وتسهيلاً لطلبةِ العلمِ فإنّ هذا الإعتذار غير مُقْنِعٍ. ويغلب أنّهم قد ركّزوا جُلَّ اهتمامهم على المسائل الإشتقاقيةِ والإعرابيةِ والبلاغيةِ فحسب، وحرصوا في ذلك على تحقيق ثلاثةِ أهدافٍ دون غيرها وهي:
١ـ النطقُ السليمُ الخالصُ من اللّحنِ،
٢ـ القراءةُ السليمةُ الخالصةُ من الغلطِ،
٣ـ الكتابةُ الصحيحةُ الخالصةُ من الخطأ الإملائيِّ والإنشائيِّ.
إذن فتكون مسألةُ علاقةِ الفعلِ بالزمان أمراً جانبياً بالنسبة لعلماءِ العربيةِ لأنّهم حصروا مهمَّتَهم في الأبوابِ المذكورةِ، ولأنّه ليست للزّمانِ صلةٌ مباشِرَةٌ بهذهِ الأبوابِ الثلاثةِ لذلك لم يهتمُّوا بها، وهذا أحسن الظنِّ بهم.