للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الأول

صفاتها الخِلْقِيَّة

كانتْ أُمُّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها امرأةً جميلةً، بيضاء مشربة بحُمْرَة؛ ولهذا يقال لها: الحميراء (١)، والعرب تطلق على الأبيض الأحمر، كراهة لاسم البياض لكونه يشبه البرص، فهي كانت رضي الله عنها بيضاء بياضًا ناعمًا مشربًا بحمرة، وهو أحسن الألوان (٢).

وكانت رضي الله عنها نحيلة الجسم في شبابها، ثم بمرور الأيام امتلأت وبَدُنَتْ، وحملت اللحم، وهذا ما تحكيه هي بنفسها، فقالت رضي الله عنها: «سَابَقَنِي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَسَبَقْتُهُ، فَلَبِثْنَا حَتَّى إِذَا رَهِقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: "هَذِهِ بِتِلْكَ"» (٣).

وكانت رضي الله عنها أقرب إلى الطول في جسمها، وكان شعرها طويلاً وهي صغيرة،


(١) تصغير الحمراء، بمعنى بيضاء اللون مشرب بياضها بحمرة، والعرب تسمي الرجل الأبيض: أحمر، والمرأة حمراء، وقد وردت كلمة الحميراء في كثير من النصوص، ولكن الغالب فيها ضعيف، قال المزي رحمه الله: "كل حديث فيه يا حميراء فهو موضوع إلا حديثاً عند النسائي". ينظر: مرقاة المفاتيح ٥/ ٢٠٠٣، وقال ابن القيم رحمه الله في المنار المنيف ص (٦٠): "كل حديث فيه يا حميراء أو ذكر الحميراء فهو كذب مختلق".
ولكن هذا الكلام ليس هذا على إطلاقه فقد ورد حديث فيه كلمة (الحميراء)، وهو صحيح، فعن عائشة ك قالت: «دَخَلَ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ فَقَالَ لِي: "يَا حُمَيْرَاءُ، أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إلَيْهِمْ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَامَ بِالْبَابِ، وَجِئْتُهُ، فَوَضَعْتُ ذَقَنِي عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إلَى خَدِّهِ ... » الحديث. أخرجه النسائي في السنن الكبرى ٥/ ٣٠٧، رقم (٨٩٥١)، والطَّحَاوي في شرح مشكل الآثار ١/ ٢٦٨، رقم (٢٩٢)، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ٢/ ٤٤٤: "إسناده صحيح، ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا".
(٢) ينظر: البدء والتاريخ ٥/ ١١، وسير أعلام النبلاء ٣/ ٤٢٨.
(٣) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>