ومثله، أي مثل الواجب الذي يعتد به ولا ثواب الترك لما يحرم، لأن الترك للمحرم من غير من قصد ذا (الذي هو الامتثال) نعم مسلم، نعم هو مسلم من الإثم، لماذا؟ لأن الإثم على الزنا مثلا أو الربا مرتب على وجوده، فإذا لم يوجد لا إثم، لكن لا يلزم من ارتفاع الإثم وجود الثواب، ليس بينهما تلازم، قد يرتفع الإثم لعدم وجود المقتضِي، لكن هل يلزم من ذلك وجود الثواب؟ نقول: لا، نقول: لا، ولذلك قال بعضهم:(ترتب الثواب وعدمه في فعل الواجب وترك المحرم راجع إلى وجود شرط الثواب وعدمه وهو النية)، هكذا قال في شرح الكوكب المنير، وجود الثواب وعدمه في فعل الواجب وترك المحرم راجع إلى وجود شرط الثواب وعدمه وهو النية، إذا وجدت النية حينئذ ترتب الثواب، إذا انتفت النية نقول: صح الواجب فيما لا يشترط له النية وصح ترك المحرم ولكن لا ثواب، ولذلك يقيد هذا فيقال: يقتضي الثواب على الفعل مطلقا؟ امتثالا لأمر الرب جل وعلا، والعقاب على الترك، إذن يقتضي العقاب، هل كل واجب يقتضي العقاب؟ لابد وأن يعاقب؟ هل كل واجب يقتضي العقاب؟ أم بعض الواجبات قد يحصل العفو من الرب جل وعلا؟ أحسنت، الثاني، من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الفاسق الملي إذا مات من غير توبة فإنه تحت المشيئة، قد يكون فاعلا لمحرم وقد يكون تاركا لواجب وقد يعفو الرب جل وعلا، فإذا قيل والعقاب على الترك، حينئذ يُفهم من هذا في ظاهره أنه يلزم العقاب، ففرق كثير من الأصوليين والشرَّاح عن هذه الجملة (والعقاب) قالوا: يترتب ويستحق، لأن ترتب العقاب لا يلزم منه حصول العقاب، واستحقاق العقاب لا يلزم منه وجود العقاب، ولذلك اعتُرض على ابن مالك (رحمه الله تعالى) في قوله: (وكل حرفٍ مستحق للبنا) قد يستحق الشيء ولا يأخذه، إذن لا يُفهم من هذه العبارة ماذا؟ أن الحرف مبني، لماذا؟ لأن الاستحقاق شيء ووجود الشيء بالفعل شيء آخر، فحينئذ إذا قيل يستحق العقاب لا يلزم منه وجود العقاب، وإذا قيل ترتب العقاب لا يلزم منه وجود العقاب بالفعل، ولكن هذا مع كثرة الناظمين له والقائلين به أنا أقول: لا وجه لهم، لماذا؟ لأن النظر هنا في الواجب باعتبار الفعل فعل المكلف وأما كونه معفوا عنه في الآخرة هذا ليس للناظم في الكتاب والسنة، وإنما دلت النصوص على أن الأصل في تارك الواجب ما هو؟ وجود العقاب أو العفو؟ وجود، هذا هو الأصل، والعفو أصل أم طاريء؟ طاريء، إذن لا نقول الطاريء حدا في الواجب، وإلا لو قلنا للناس مثلا: والعقاب على الترك الواجب ما يستحق، قد لا يقع العقاب، هذا يكون فيه تقوية لهم في الجرأة على ترك الواجبات، ولذلك نقول والعقاب على الترك لا إشكال فيه، لماذا؟ لأنه باعتبار أمر الدنيا والنظر في مدلول النصوص (نصوص الكتاب والسنة) ثبت بالاستقراء أن الأصل في الواجب تركه مقتض للعقاب، يعني يترتب ويستحق والأصل وقوع الشيء، ثم كونه قد يعفو عنه الرب جل وعلا هذا أمر طاريء وليس لنا أن نتدخل فيه، وإنما ننظر فيما يعنينا، أما كونه يعفو عنه أو لا يعفو ليس في نظرنا.
"واجب يقتضي الثواب على الفعل والعقاب على الترك"، هذا حده، وعرفنا أن الأصح أن الواجب والفرض مترادفان، أن الفرض والواجب مترادفان.