لأن بعضهم يرى أنه يثاب مطلقا، مثل ماذا هذا؟ النوع الثاني؟ مثل ماذا؟ النفقة على الزوجة أو على الزوجات، هذه واجبة، أليست كذلك؟ واجبة، لكن إذا أنفق على الزوجة خوفا منها، سقط الواجب أو لا؟ سقط، هل تبرأ الذمة بهذا؟ نقول نعم برأت الذمة وسقط الطلب؛ لكن هل يثاب؟ لا؛ لأنه لم ينفق على الزوجة طلبا لمرضاة الرب جل وعلا، وإنما لأمر آخر، كذلك رد الدين ورد المغصوب، هذه إذا حصل الرد، رد المغصوب كما هو وحصل رد الدين كما هو نقول فعل الواجب، لكن هل يثاب؟ نقول لا يثاب إلا إذا نوى أنه رد الدين امتثالا لأمر الله عز وجل، أو أنه رد المغصوب أو العارية لأمر الله عز وجل، فحينئذ نقول هذا القسم الثاني يجزيء ويسقط الطلب وتبرأ الذمة ويثاب عليه إذا وجدت النية، وأما إذا فعله بغفلة عن نية الامتثال فأجزأ وأسقط الطلب ولكن لا ثواب، ولذلك هذا الذي نص عليه صاحب المراقي:(وليس في الواجب) هذا نفي، (وليس في الواجب من نوال) يعني من عطاء وأجر وثواب.
وليس في الواجب من نوال.:. عند انتفاء قصد الامتثال.
فيما له النية لا تشترط.:. وغير ما ذكرته فغلط.
يعني الواجب الذي يعتد به ويكون صحيحا ولا تشترط النية في صحته (فيما له النية لا تشترط) يصح الواجب، (وليس في الواجب من نوال) يعني من ثواب، فالنفي يكون للثواب لا للصحة، (وغير ما ذكرته فغلط).
ومثله الترك، اجتناب المحرم قد يجتنب المكلف الحرام فيترك الحرام، هل كل ترك للحرام يقتضي الثواب؟ الجواب لا، بل إذا ترك الحرام ممتثلا أمر الله عز وجل نقول هذا وُجد شرط النية، وجد شرط الثواب وهو وجود نية التقرب والامتثال فيثاب حينئذ، وأما إذا ترك الحرام ولم ينوِ (يعني تركه بغفلة، ما استحضر في قلبه هيبة أو عظمة الرب جل وعلا أو التقرب من الله عز وجل أو أنه انتثال لأمره سبحانه) فهل يعاقب؟ لا، لا يعاقب، وإنما نقول انتفى الثواب لانتفاء شرط الثواب وهو النية، فحينئذ ترك الحرام لا يثاب عليه مع الغفلة، ويثاب عليه مع النية، ولذلك لو فكر إنسان كم وكم وكم ترك من الثواب، يعني ترك الربا لأنه مثلا الإنسان قد يكون غير مرابي، وهذه نعمة عظمى، لكن هل ينوي بأنه تارك للربا ما خطر في قلبه أو أنه ما جاءت المناسبة أو أنه تتقزز نفسه منه، نقول إذا كانت هذه هي الموجبات فحينئذ لا ثواب على الترك، أما إذا استحضر في نفسه أنه قد يفتن في هذه البلية ولكن ابتعاده عنها واجتنابه لها خوفا من الله عز وجل وامتثالا لنهيه سبحانه وتعالى حينئذ توجد النية، يوجد الثواب لوجود شرط الثواب وهو النية، لذلك قال:
ومثله الترك لما يُحَرَّمُ.:. من غير قصد ذا نعم مسلم.