للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخير على الخير، وهذا وارد في الكتاب: [قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ] {المائدة:٦٠}، هنا الثواب على شر إذا وقع الثواب على الشر، [هَلْ ثُوِّبَ الكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ] {المطَّففين:٣٦}، ثواب الكفار ليس هو بخير وإنما هو بشر جزاء على ما فعلوا، إذن نقول الثواب لغة: الجزاء مطلقا، ومنه قول الشاعر:

لكل أخي مدح ثواب علمته.:. وليس لمدح الباهلي ثواب.

أي: جزاء.

والعقاب في اللغة: التنكيل على المعصية، ومنه قول الشاعر:

ومن عصاك فعاقبه معاقبةً.:. تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد.

إذن عرفنا حقيقة الثواب، وحقيقة العقاب.

(يقتضي الثواب على الفعل) على الإيجاد، وهنا قال الفعل وهو عام، يشمل القول ويشمل النية والاعتقاد والترك ويشمل أيضا الفعل الصريح وهو ظاهر الدخول.

(والعقاب على الترك) إذن لازم الواجب وثمرة الواجب أنه إذا وجد وسقط به المكلف إيجادا له على وجهه الشرعي نقول ترتب عليه الثواب إذا وُجد، وإذا عُدِم ولم يأت به المكلف على وجهه الشرعي حينئذ ترتب العقاب، إذن العقاب وجودا، العقاب والثواب لازمان للواجب وجودا للثواب وعدما في الترك، إذا ترك الواجب هل يثاب؟ نقول لا يثاب، ما الذي يوجد؟ العقاب، إذا وجد الفعل الواجب وجد ماذا؟ الثواب وانتفى العقاب، لكن يذكر أن العلم هنا ضابطين لابد من ذكرهما: (يقتضي الثواب على الفعل) قالوا لابد من القيد امتثالا، لأن شرط الثواب هو النية، نية التقرب إلى الله جل وعلا بكون هذا الفعل طاعة، وقربة إلى الرب سبحانه، ولذلك يقسم الواجب باعتبار اشتراط النية في الاعتداد به وعدمه إلى قسمين: فيقال [واجب لا يعتد به إلا بوجود النية]، إذا وجدت النية _نية التقرب إلى الله سبحانه_ حينئذ صار الواجب صحيحا ويثاب عليه، إذا فقدت النية لا يصلح الواجب ولا يثاب عليه، بل يعاقب عليه إذا تعمد ذلك، وهذا مثل ما يقال فيه إنه من العبادات المحضة، كالصلوات الخمس، هذا واجب، ولا يمكن أن يثاب على هذا الواجب، بل لا يمكن أن يعتبر ويصح إلا إذا وجدت نية التقرب إلى الله عز وجل، "لَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ"، "إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"، فكل عمل يكون مشروطا بالنية في ترتب الثواب عليه، إذن الواجب الذي يترتب عليه الثواب ولا يوجد الثواب إذا انتفت النية وأثرت فيه صحة نقول هذا في العبادات المحضة التي يُعبَّر عنها بأنها غير معقولة المعنى، هذا في الأصل، إذن قسم لا يُعتد به يعني لا يصح إلا بوجود نية التقرب والامتثال كالصلوات الخمس وصيام رمضان والحج ونحو ذلك، القسم الثاني: [واجب يعتد به] يعني يعتبر صحيحا، وبفعله تبرأ الذمة، ويسقط الطلب ولكن لا ثواب عليه إذا فقدت النية، إذا وجدت النية مع هذا القسم ترتب عليه الثواب، إذا لم توجد النية نقول الواجب صحيح وتخلف الثواب لتخلف النية.

وليس في الواجب من نوال.:. عند انتفاء قصد الامتثال.

فيما له النية لا تُشترطُ.:. وغير ما ذكرته فغلط.

<<  <  ج: ص:  >  >>