قال:"وينقسم من حيث الفعل" الآن شرع في بيان أقسام الواجب، الواجب له أقسام ثلاثة، "ينقسم الواجب من حيث الفعل" هذا تقسيم، "وينقسم أيضا من حيث الوقت، وينقسم أيضا من حيث الفاعل" وكلها ذكرها المصنف، إذن له ثلاث حيثيات: ينقسم من حيث الفعل، يعني باعتبار ذاته، نفس الفعل، فعل المكلف، باعتبار ذاته، بحسب فعل المكلف، ننظر إلى فعل المكلف الذي حكمنا عليه بأنه واجب، يعني ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، كالصلاة والزكاة والحج، نقول ننظر إلى الصلاة نفسها، فنقسم الواجب باعتبار الفعل إلى نوعين: إلى معين وإلى مبهم في أقسام محصورة، كما ذكره المصنف، إلى معين وإلى مبهم في أقسام محصورة، إلى معين، قال في حده:"لا يقوم غيره مقامه"، يعني أن يكون الفعل مطلوبا بعينه، يعني يحدد لك الفعل شيء واحد، وهذا تعرفه وينضبط معك بالواجب المخير، لأن الواجب المخير كما قال:"مبهم في أقسام محصورة" أن يذكر لك الشارع ثلاثة أشياء، ويقول لك يجب واحد منها، هل عيَّن لك الواجب؟ لا، لم يعين، وإنما ذكر لك واحدا في أقسام محصورة، إذن هو مبهم، لو عيَّن لك شيئا واحدا، قال:[أَقِمِ الصَّلَاةَ]{الإسراء:٧٨} هل أنت مخير في الصلاة؟ نقول: لا، لماذا؟ لأن هذا الواجب يسمى واجبا معينا، لا يجزيء غيره ولا يقوم غيره مقامه، لا يمكن أن يؤمر الآن بصلاة الظهر مثلا ثم يقول: لا، أنا أخرج لعرفة، يأتي بالحج، لماذا؟ لأن الصلاة (صلاة الفرض) التي هي الظهر لا يقوم غيرها مقامها، قال:"إلى معين" يعني أن يكون الفعل مطلوبا بعينه لا يقوم غيره (يعني غير الفعل) مقامه، فيتعين عليك إذا قيل لك [أقم الصلاة] أن تصلي ولا خيار لك في الترك، وإذا قيل:[فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ]{البقرة:١٨٥} يتعين عليك الصوم ولا يجزيء غير الصوم مقام الصوم في شهر رمضان، هذا نسميه ماذا؟ واجبا معينا، لا يقوم غيره مقامه، كالصلاة كما مثلنا، والصوم كما مثلنا، ونحوهما كالحج وبر الوالدين والصدق ونحوها من الواجبات، فالمطلوب في هذه الواجبات كلها واحد لا خيار فيه، لماذا؟ لأن الشارع قد طلب منك هذا الفعل وعينه، ولم يخيرك بين شيئين أو ثلاثة وأنت تختار واحدا منها.