(فَافْهَمْ فَلَيْسَ الشَّكُّ كَالْيَقِيْنِ) فافهم يعني لما كان التعبير بالفهم يقتضي سبق شيء يفهم قال: (فَافْهَمْ). هذه الفاء فيها معنى التفريع (افهم) ليس المراد به مطلقُ الإدراك، افهم أيها الطالب ما قلته لك أي اعلمه علمًا جازمًا بدليل قوله:(فَلَيْسَ الشَّكُّ). فليس الفاء هذه تعليل الأمر بالفهم، افهم لماذا؟ لأن المسائل لا بد أن تكون على يقين يعني غلبة ظن على يقين (فَلَيْسَ الشَّكُّ) وهو التردد بين حكمين لا مَزَيَّة لأحدهما على الآخر، وهذا عند الأصوليين، الأصوليون يعرفون الشك بما ذُكر: ترد لا بين حكمين لا مزية لأحدهما على الآخر استويا استواء الطرفين. هذا يُسمى شكًّا قائم، ليس بقائم، زيدٌ قائم، ليس بقائم أنت في شك متردد لم ترجح أحد الطرفين، هذا يسمى شكًّا وأما عند الفقهاء فهو مطلق التردد الشامل للظن والوهم، يعني الراجح أو الطرف المرجوح هذا عند من؟ عند الفقهاء، هل هو مطلق في كل أبواب الفقه؟ لا، في بعضها دون بعض، وهو الأنسب هنا لمقابلته باليقين، يعني فسره الشارح بالشك عند الأصوليين، والظاهر أنه يفسره بالشك عند الفقهاء لأنه قابله باليقين (فَلَيْسَ الشَّكُّ كَالْيَقِيْنِ) يعني مثل اليقين، فلما قابله باليقين علمنا أن الشك دخل فيه الظن، واليقين هو الحكم الجازم، يعني إدراك الجازم صاحبه.
هنا قال فائدة هل الكفرة ملة واحدة أم ملل؟
يعني عرفنا أن المسلم لا يرث الكافر والكافر لا يرث المسلم، لكن لو تحاكم كفار إلى المسلمين، مسألة مفروضة فيما إذا اتجه نصراني أراد أن يرث من يهودي، أو يهودي يرث من نصراني فتحاكما إلى مسلمين.
هل نقول لا توارث بين أصحاب ملتين كما أن الكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكفر والحكم عام، أم نجعل هؤلاء بأنهم يتوارثون؟ وهذا مبني على أصل، وهو هل الكفر ملة واحدة أو ملتين؟
حكم توارث الكفار بعضهم من بعض؟
إن كانوا على دين واحد كالنصارى يعني الوارث والمورث كل منهما نصراني، أو الوارث والمورث كل منهما يهودي أو مجوسي ونحو ذلك، لا خلاف بين أهل العم أنهم يرثون من بعضهم، وهذا الحكم ليس لهم هم وإنما إذا تحاكموا عندنا، واضح؟ إذا تحاكموا إلى محكمة ويحكم فيها أهل الإسلام قاضي مسلم، حينئذٍ إذا ادَّعى مدَّعٍ وقام سبب الإرث وما يتعلق به، فكل من الوارث والمورث على ملة واحدة وهي النصرانية أو اليهودية التوارث معقود، التوارث حاصل. إذًا إن كانوا على دين واحد كالنصارى مثلاً فيرث بعضهم من بعض من غير خلاف، بدليل الحديث السابق «لا يرث المسلم الكافر». مفهومه أن المسلم يرث المسلم وهذا واضح، وأن الكافر يرث الكافر هذا بالمفهوم «لا يرث المسلم الكافر». مفهومه أن الكفار يرث بعضهم بعضًا.
كذلك حديث:«لا يتوارث أهل ملتين شتى». رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.