(وَابْنُ الاِبْنِ) هذا فيه وضع الظاهر موضع المضمر للوزن الأصل أن يقول الابن وابنه، (وَابْنُ الاِبْنِ) لكنه وضع الظاهر موضع المضمر، يعني الأصل أن يأتي بالضمير ولكنه لم يأت بالضمير من أجل الوزن، وقد يقال أنه من أجل الإيضاح، (وَابْنُ الاِبْنِ) دليل قياسًا على الابن أولاً قلنا: مجمع عليه لا إشكال فيه، ولقوله:{يَا بَنِي آدَمَ}. كل من كان ابنًا لآدم من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة فهو داخل في هذا اللفظ، أليس كذلك؟ وسماه ابنًا له. إذًا ابن الابن مهما نزل فهو راجع إلى الأصل، وقياسًا على الابن، وكذلك قال تعالى:{يَا بَنِي إِسْرائيلَ}. والإجماع (وَابْنُ الاِبْنِ مَهْمَا نَزَلا) يعني بدرجة أو درجات الابن، ابن الابن، ابن ابن الابن، ابن ابن ابن الابن .. إلى ما يشاء الله عز وجل هذا يعتبر من الورثة، ولذلك قال: بدرجة. على ما ذكره المصنف أو درجات ثنتين فأكثر، ابن ابن الابن .. وهلمّ جرّا (مَهْمَا نَزَلا) الألف هذه للإطلاق، أي في أي زمنٍ نزل ابن الابن فـ (مَهْمَا) ظرف زمان، أو أي زمن نزل ابن الابن فـ (مَهْمَا) نائبة عن المفعول المطلق، أو - وهو أرجح - مهما نزل ابن الابن فهو وارث، حينئذٍ تكون (مَهْمَا) شرطية، يحتمل أنها زمانية، ويحتمل أنها نائبة عن مفعول مطلق أيَّ، ويحتمل أنها شرطية وهو أظهر، وعليه يكون جواب الشرط محذوفًا (مَهْمَا نَزَلا) فهو وارث. إذًا المراد بالنزول هنا ضد العلو، والفقهاء كما نص البيجوري وغيره أنهم شبَّهوا عمود النسب بالشيء المدلي من علوٍ إلى سفلٍ، فأصل كل إنسان أعلى منه، فلذلك يقولون في الأصل: وإن علا، يعني وارتفع، الأب وأبو الأب أبو أبي الأب، وإن علا هذا أصل للإنسان، وفرعه يعني ابنه أسفل منه ولذلك يقولون في الفرع: وإن سفل، وإن نزل .. ونحو ذلك، فهو عكس الشجرة، الشّجرة أصلها أسفل وفروعها فوق، الإنسان لا العكس الأصل فوق وفروعه أسفل فهو عكس الشجرة وذلك لأن مرتبة الأصول أرفع من مرتبة الفروع في الشرف لا في الإرث، فتأدبوا مع الأصول بجعلهم في جهة العلو.
ثم قال:(وَالأَبُ وَالْجَدُّ لَهُ وَإِنْ عَلا). وهذا سيأتي بحثه، والله أعلم.
وصلَّى الله على نبينا محمد، [وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين].