(وَالأَبُ) هذا الثالث الذي يرث وهو محل إجماع ولقوله تعالى: ... {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ}[النساء: ١١]. جاء النص وأجمع أهل العلم على أن الأب يرث، وهنا قدم الابن على الأب (الاِبْنُ وَابْنُ الاِبْنِ) ثم قال: الأب، قدم الابن على الأب، وإنما قدم ذكر الابن على الأب لقوته لقوّت الابن، الابنُ في باب المواريث أقوى من الأب، ولأن الابن فرع الميت والأب أصله، واتصال الفرع بأصله أظهر من اتصال الأصل بفرعه، يعني كون الابن وأبيه أيهما أكثر اتصالاً بالميت، هذا ابنهُ وهذا أبوه، هذا جزءٌ منه الابن جزء منه وهذا الميت جزءٌ من أبيه. أيهما أولى وأقرب؟ من حيث الجزئية لا شك أن الابن أقرب إلى الميت، لأنه جزء منه ولهذا حجب الابن الأب من التعصيب ورده إلى الفرض، سيأتي هذا في محلّه، إذًا قدَّم الابن على الأب هنا لقوته.
(وَالْجَدُّ لَهُ) هذا كذلك يرث بالنص والإجماع لم يرد في القرآن إلا أنه قد يقال بأنه ورد من حيث شمول الأب له، لفظ الأب يعني لتناول أو دخوله في لفظ الأب، وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء في السنة الصحيحة أنه أعطاه ورَّثه ورّث الجد، (وَالْجَدُّ لَهُ) الضمير هنا يحتمل أنه عائد على الميت المعلوم من السياق، ويحتمل أنه عائد على الأب، اختار الشارح هنا الشنشوري عوده على الأب لوجهين أحدهما: أن في فيه عود الضمير إلى مذكور في اللفظ، وأما إذا أعدناه على الميت وليس مذكورًا في اللفظ فإنما هو مفهوم من السياق، ولاشك أن المذكور الملفوظ به أولى بعود الضمير من ذاك الذي يُفهم من السياق، وهذا أمر واضح.