للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثانيًا: مما يدل على ترجيح مذهب أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأن الجد يحجب الإخوة مطلقًا قوله - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث أصلٌ في هذا الباب قوله عليه الصلاة والسلام: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجُلٍ ذكر». قلنا: هذا أصلٌ في باب التعصيب كما سبق معنا. والجد أولى من الأخ معنًى وحكمًا، فأما المعنى فإن له قرابة ميلاد بعضية كالأب هو بعضٌ منه، وأما حكمًا فإن الفروض إذا ازدحمت سقط الأخ، الفروض إذا ازدحمت الأخ حينئذٍ يسقط ولا شيء له، وأما الجد إذا ازدحمت الفروض هل يسقط الجد؟ الجواب: لا، يفرض له السدس حينئذٍ تعول المسألة. إذًا من حيث الحكم فرّق الرب جل وعلا وكذلك الشرع بين توريث الأخ والجد عند ازدحام الفروض، إذا ازدحمت الفروض سقط الأخ ولا تعول المسألة لأنه ليس بصاحب فرض، وأما الجد فله أحوال ثلاثة منها أنها يرث بالفرض فقط وهو السدس، حينئذٍ إذا ازدحمت الفروض يفرض له السدس وتعول المسألة. وأما حكمًا فإن الفروض إذا ازدحمت سقط الأخ بخلاف الجدّ فإنه لا يسقط عند ذلك بل يفرض له السدس. إذًا فرقٌ بين الجد والإخوة فلا يُشَرَّكُ الإخوة معه.

ثالثًا: أن ابن الابن بمنزلة الأب - ابنه الأب يعني - ابن الابن بمنزلة أبيه الابن، فيكون الجد بمنزلة الأب إذ لا فارق بينهما، ابن الابن بمنزلة الابن يعني بمنزلة أبيه فيكون الجد حينئذٍ بمنزلة الأب إذ لا فرق بينهما.

رابعًا: جمهور الصحابة موافقون للصديق رضي الله تعالى عنه في أن الجد كالأب يحجب الإخوة، وهو مروي عن بضعة عشرة من الصحابة. هكذا قال ابن تيمية وكذلك قال ابن باز في رسالته في الفرائض: مروي عن بضعة عشرة من الصحابة. قال البخاري في صحيحه: ولم يُذكر أن أحدًا خالف أبا بكرٍ في زمانه وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - متوافرون. وهذه حجة قاطعة في محل نزاع، ولم يذكر أن أحدًا مخالف أبا بكر في زمانه، خالف في قول أبي بكر بأن الجد يحجب الإخوة مطلقًا، فلا يرث معهم ولا يرثون معه، وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - متوافرون فلم يخالفوه إلا بعد ذهاب أبي بكر - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>