وقوله:(بما ** قَدْ شَاعَ فِيْهِ عِنْدَ كُلِّ الْعُلَمَا). هذه يبدُل ما بعدها منها حينئذٍ يفسر ما قبله بما بعده (وَأَنَّ هَذَا الْعِلْمَ مَخْصُوْصٌ بِمَا)، يعني بالذي جار ومجرور متعلق بقوله:(مَخْصُوْصٌ). (قد) هذه للتحقيق. (شاع) أي: فشا واشتهر، (فيه) أي في هذا العلم وهو علم الفرائض، (عند) هذا متعلق بـ (شاع)، وهو مضاف وكل مضاف إليه، وكُل مضاف و (الْعُلَمَا) بالقصر للوزن مضافٌ إليه، بما قد شاع واشتهر وفشا فيه في ذلك العلم (عِنْدَ كُلِّ الْعُلَمَا) جميع العلما، (بأنه أوّلُ علمٍ يفقدُ ** في الأرضِ) يعني من الأرض، أول علمٍ يُفقد هو علم الفرائض، وردت آثار في ذلك، ولذلك قال:(بأنه). هذا متعلق بقوله:(مَخْصُوْصٌ)، (وَأَنَّ هَذَا الْعِلْمَ مَخْصُوْصٌ) ويصح أن يكون بدلاً من قوله: (بما ** قد شاع). ما هو الذي قد شاع؟ [ها]؟ (بأنه أول علمٍ يفقدُ)، لأن قوله:(بما ** قد شاع فيه عند كل العلما). نقول: كأن # ٥٨.١٨ .. عن مذهب الإمام من هو؟ زيدٍ هنا، (بما ** قد شاع فيه عند كل العلما) ما هو؟ (بأنه أوّلُ علمٍ يفقدُ) حينئذٍ الجار والمجرور قد يبدلُ من الجار والمجرور، فيحتمل أن قوله:(بأنه). جار ومجرور بدلٌ من قوله:(بما قد شاع). (بأنه) أي علم الفرائض (أَوَّلُ) وأسبق علمٍ من علوم الشريعة (يفقدُ) أي يذهبُ ويزولُ، يقال فقد الشيء فقدًا فِقْدانًا ضاع منه والمال ونحوه عَدِمَهُ، والثاني مرادٌ. (في الأرض) في بمعنى من، من الأرض، لأن في الأرض دلت على الظرفية {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ}[الأنعام: ١١]، يعني: على الأرض وليس المراد سيروا في الأرض يعني في داخل الأرض، وإنما سيروا على الأرض (في الأرض) أي من الأرض (حَتَّى لاَ يَكَادُ يُوْجَدُ) أي يُفقد في الأرض لفقدِ العلماء به، لا بانتزاعِهِ منهم لحديث:«إن الله لا ينتزع العلم انتزاعًا من صدور الرجال ولكن بموت العلماء».
هنا قال الشارح: وعلمًا بأن هذا العلم هو علم الفرائض مخصوص بما قد شاع فيه عند كل الماء بأنه أول علمٍ يفقدُ في الأرض بالكلية، يعني قد يبقى منه شيء فلا يعارض ما ورد من الآثار، وإنما شاع عند العلماء أنه أول علمٍ يفقد لِمَا رواه ابن ماجه وابن المبارك والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا:«تعلموا الفرائض وعلموه، فإنه نصفُ العلمِ، وهو يُنسى وهو أول علمٍ ينتزع من أمتي». رواه البيهقي في سننه، وقال: انفرد به حفص بن عمر وليس بقوي. حديث مضعّف عند أهل الحديث.
ولَمَّا كان علم الفرائض من يشتغلُ به قليل لتوقفه على علم الحساب وتشعب مسائله وارتباط بعضها ببعض كما في مسائل الجد والإخوة وغيره كان عرضة للنسيان، هذا عام في كل فن، فلأجل هذا حثّ - صلى الله عليه وسلم - على تعلُّمِهِ وتعليمه. ولَمّا كان علم الفرائض من يشتغلُ به قليل لتوقفه على علم الحساب وتشعُّب مسائله وارتباط بعضها ببعض كما في مسائل الجد والإخوة وغيره كان عرضةً للنسيان، فلأجل هذا حثَّ - صلى الله عليه وسلم - على تعلمه وتعليمه. قد يكون لأمرٍ ما - الله أعلمُ بحال هذا إن صحّ الحديث -. وأما قوله: فإنه نصف العلم فاختلف في معناه على أوجه أقربها أو المشهور أن للإنسان حالين: