(أَوْ غَرَقْ) يعني في الماء غرقًا بفتحها فهو غَرِقٌ صفة مشبهة، وغَارِقٌ، غَرِق صفة مشبهة وغارق بصيغة اسم الفاعل ويقال: غَرِيق كذلك، غَرِيق فهو غَارِق، وغَرَّق بالتشديد فَعَّل في الماء غمسه فيه فهو مُغَرّق وغَرِيق، مُغَرّق هذا اسم مفعول، وغَرِيق اسم فاعل، المراد به اسم الفاعل، لكن ظاهر صنيع المصنف أن غَرِيق لا يكون مشددًا وليس كذلك، بل يكون من المخفف ومن الْمُشَدَّدِ غَرِيق يكون منهما (أَوْ حَادِثٍ) أو للتنويع أو أمرٍ حادثٍ، حادثٍ صفة لموصوف محذوف، أي غير ما سبق ... #٤٢.٣٠ عليه بأو يعني نازلٍ (حَادِثٍ عَمَّ الْجَمِيْعُ) هذا تعميم، تعميم بعد تخصيص مثَّل لك أولاً الحادث بالهدم، وثانيًا بالغرق ثم عَمَّمَ، فالمراد هنا حادثٌ يعم الجميع بموت، كلهم يموتون في وقتٍ واحد الطاعون وغيره، (أَوْ حَادِثٍ) أو أمرٍ حادثٍ أي نازلٍ. قال القرطبي: حدث الشيء حدوثًا وحَدَثًا وحَدْثَانًا إذا نزل، وأحدث الرجل معروف يعني معناه معلوم، والحديث ضد القديم، هذا نعم يستعمل في اللغة الحديث ضد القديم، لكن يعنون به بعض الأشاعرة في كتب المصطلح إذا عَرَّفوا الحديث قالوا: ضد القديم، والحديث ضد القرآن، يعنون به مخزن عَقَدِي. وفي النهاية لابن أثير حديث المدينة:«من أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا». قال ابن أثير: الْحَدَث الأمر الحادث الْمُنْكَرُ الذي ليس بمعتاد، هذا كالتفسير لقولهم: منكر. ولا معروف هذا عطف تفسير في السنة، فهو شيءٌ حادثٌ بمعنى أنه غير معروف ولا معتادٌ في السنة، ولذلك عُبِّرَ عنه بالحدوث (عَمَّ الْجَمِيعُ) عمّ شَمِلَ، والضمير هنا يعود على الحادث عمّ الحادث الجميع، أي من القوم المذكورين، أو جميع القوم (عَمَّ الْجَمِيعُ) جميع القوم، فـ (أل) نائبة عن مضاف، ومثَّل لهذا الحادث الذي عمّ لمثال ثالث نازل بهم (كَالْحَرَقْ) الكاف هنا للتمثيل وليست استقصائية بدليل ما سبق بِهَدْمٍ أَوْ غَرَقْ، (كَالْحَرَقْ) بفتح الحاء والراء. قال بدر الدين سبط المارديني: بكسر الحاء المهملة وفتح الراء. كالْحِرَق، حَرَق، هي ضبطان، يجوز الوجهان الْحَرَق حِرَق. النار يعني: الحرق هو النار، وعلى التفسير الآخر الحرق هو لهب النار وكل منهما له أثر في الموت فلا إشكال. ووجه الأول ما قاله ابن أثير يعني: الحرق في حديث الفتح مكة (دخل مكة وعليه عمامة سوداء حَرَقَانِيّة) بفتح الحار والراء وكسر النون وتشديد الياء. قال الزمخشري: حرقانية هي التي على لون ما أحرقته النار. يعني السواد، كأنها منسوبة بزيادة الألف والنون أي ليس القصد مثل حقيقته، كأنها منسوبة إلى الْحَرَق بفتح الحاء والراء. وقال - يعني الزمخشري -: يقال الْحرق بالنار والحرقُ معًا، حِرَق وحَرَق وقال: هي أيضًا - يعني في النهاية -: حَرَقُ النار بالتحريك لَهَبُهَا وقد يُسَكّن. إذًا حَرَق أو حِرَق سواء فُسِّرَ بلهب النار أو بالنار، والأمر واضحٌ.