الصورة الثانية: وهي التي يكون فيها التوريث أن لا يحصل بينهم اختلاف، ولا يُدَّعَى ذلك والحكم حينئذٍ أن يرث كل واحدٍ من مال صاحبه الذي مات وهو يملكه، يعني كل منهما الاثنين إذا ماتا كل منهما يرث مما لصاحبه الذي مات عنه، الذي مات عنه يُسمى التلاد، وأما المال الجديد الذي يكون نصيب الميت الثاني من الأول الذي يسمى طريف لا يرث منه الأول البتة، وهذا تناقض لماذا؟ لأن كل واحد منهما جُعِلَ وَارِثًا ومُوَرِّثًا، فالحكم حينئذٍ أن يرث كل واحدٍ من مال صاحبه الذي مات وهو يملكه، ويسمى تلادًا قديمًا، وأن لا يرث من المتجدد له مما ورثه من الميت الذي مات معه على اعتبار تأخره بالموت ويسمى طريفًا جديدًا، بل إن الطريف لا يقسم إلا على ورثة الأحياء لكل واحد، كل منهما يقدر هذا مات أولاً ثم يجعله مُوَرِّثًا، والثاني وارِث منه، واضح؟ ثم نأتي مسألة ثانية فنقدر أن الثاني هو المتقدم، فنورث منه الأول، انظر ... #٥٨.١١ كل منهما جعل وارثًا ومورثًا، حينئذٍ المال الذي وَزِّعَ على الأول باعتبار أنه هو السابق نصيب الثاني الذي مات معه لا يرث منه الأول إذا قسمنا نصيب الثاني، واضح هذا؟ المال القديم الذي يوزع على الأول يعني: عندك زيد وعبيد كل منهما مات معًا [إذا لم يحصل] إذا لم يعلم على الأحوال الثلاث التي ذكره حينئذٍ نقدر أن زيد هو مات أولاً فنقسم التركة ويرث منه عبيد الذي مات معه، ثم نصيب عبيد هذا نقسمه على الورثة من الأول ورثته هو دون الذي مات أولاً، المال هذا الثاني يسمى طريفًا جديدًا والمال السابق يسمى تلادًا يعني: قديمًا، لكن كما ذكرنا الصواب عند الأئمة الثلاث هو أنه لا توارث، وحتى أن ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني اختار هذا القول، أنه لا توارث، وهو اختيار ابن تيمية كذلك وابن القيم وابن باز وابن عثيمين رحمه الله تعالى، لأن من شروط الإرث حياة الوارث بعد موت حقيقةً أو حكمًا ولا يحصل ذلك مع الجهل، وأما كيفية العمل فيعاملون معاملة المناسخة من حيث الحال الثالثة.
قال هنا:(فَلاَ تُوَرِّثْ زَاهِقًا مِنْ زَاهِقِ) على الصحيح يعني مذهب الذي اختاره للرحبية هو مذهب الشافعي (فَلاَ تُوَرِّثْ زَاهِقًا مِنْ زَاهِقِ)، (زَاهِقًا) يعني ذاهبًا، فلا تورث أنت، من المخاطب هنا؟ إما القاضي، وإما المفتي. لكن إذا صار المفتي قاضيًا وأمّا العامي فلا. (فَلاَ تُوَرِّثْ) أي فلا تحكم أيها القاضي أو لا تفتي بإرثٍ لشخصٍ زاهق من القوم المذكورين من شخصٍ زاهقٍ آخر، فالمخاطب بذلك القاضي أو المفتي، فلا تورث أنت يعني لا تحكم بالإرث (زَاهِقًا) منهم (مِنْ زَاهِقِ) آخر منهم، والزاهق هو الذاهب يقال: زهق روحه إذا خرجت، وَزَهِقَتْ النفس بكسر الهاء لغة، يعني زَهَقَ فَعَلَ وَفَعِلَ، لكن الأول أشهر، أي فلا تورث ميتًا منهم من آخر إجماعًا فيما إذا عُلِمَا معًا يعني موتهما، وأما إذا لم يعلم أماتا معًا أو مرتبًا فعند زيد بن ثابت كذلك أبو بكر الصديق، وابن عباس وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة الأئمة الثلاثة، وذُكِرَ أن عليًّا ورث بعضهم من بعض، وأما إذا لم يعلم أين الجواب؟