المكلف بظنه أنه لا يقبل كلامه ولعلمه أنه لا يؤثر أمره ونهيه"، وقد سبق في كلام الغزالي تفصيل في ذلك، ولا يشترط في الامر والناهي أن يكون ممتثلا ما يأمر بهن مجتنبا ما ينهي عنه، بل عليه (الأمر للامتثال والنهي للاجتناب) وإن أخل بأحدهم لم (يخل) بالأخر والله الموفق.
الفصل الخامس
في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على آحاد الناس بعد قدرتهم
اعلم أنه لا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالولاة، بل يجوز ذلك للآحاد، ويجب عليهم بحد قدرتهم على ذلك، فإنما يأمر وينهي من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه، ويختلف ذلك بالأشياء، فإن ذلك من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة (كالصلاة) والصيام، والزنا، والخمر، فعلى كل عالم بها الإنكار منها، وإن كان من دقائق الأقوال والأفعال، ومما يتعلق بالاجتهاد، ولم يكن للعوام الابتداء به، بل ذلك للعلماء أو من علمه العلماء، والعلماء إنما ينكرون ما أجمع على إنكاره، وأما المختلف فلا إنكار فيه إلا أن يعتقد تحريمه، على من يعتقد تحريمه، كالشافعي ينكر على الشافعي شرب النبيذ، والوطء في النكاح بلا ولي، كما ذكرناه أولا، ويستحب الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال سنة ثابتة، أو وقوع في خلاف آخر.