المسلمين حتى يشبهوا «مستغربيهم» في حياتهم وتفكيرهم، وحتى تخف في نفوسهم موازين القيم الإسلامية (انظر ص ١١٤ من مجلة " الإسلام " Al-Islam الصادرة في ١٦ مارس سَنَةَ ١٩٥٨).
(س) وليس نشاط المُسْتَشْرِقِينَ مُوَجَّهًا فقط إلى المسلمين، إنهم يفتحون عيونهم لكل الاتجاهات وهو يقظون لكل حركة قد تعوق سيرهم أو تفسد خِطَطَهُمْ، فإن حاول أحدهم أن يبدو مُحَايِدًا أو يتخفف من أثقال التعصب تجد بقية المُسْتَشْرِقِينَ يهبون في وجهه يطالبونه بأن يكون «موضوعيًا» وأن يستخدم الطريقة العلمية ويلجأ إلى النقد ذي المستوى العالي وهكذا. ومثال ذلك ما كتبه ألفريد جيوم Alfred Guillaume تعليقًا على كتاب " محمد في مكة " من تأليف منتجمري وات M. Watt هاجم جيوم وات؛ لأن وات خرج عن الخط التقليدي للمسترقين في بعض الاتجاهات (انظر ص ١٣٨ من مجلة " الإسلام " Al-Islam الصادرة في ١٥ أبريل سَنَةَ ١٩٥٨).
(ع) ولا يعرف العقل ولا المنطق حَدًّا لما يقوم به المُسْتَشْرِقُونَ من تحريف للتاريخ الإسلامي، وتشويه لمبادئ الإسلام وثقافته، وإعطاء المعلومات الخاطئة عنه وعن أهله، وإعطاء المعلومات الخاطئة عنه وعن أهله، وكذلك يجاهدون بكل الوسائل لينتقصوا مِنَ الدَّوْرِ الذي لعبه الإسلام في تاريخ الثقافة الإنسانية.
إن المُسْتَشْرِقِينَ جميعًا فيهم قدر مشترك في هذا الجانب والتفاوت - إن وجد بينهم - إنما هو في الدرجة فقط؛ فبعضهم أكثر تعصبًا ضد الإسلام وعداوة له من البعض الآخر، ولكن يصدق عليهم جميعًا أنهم أعداؤه (١).
وإذا كان الاسْتِشْرَاقُ قد قام على أكتاف الرُّهْبَانِ والمُبَشِّرِينَ في أول الأمر ثم اتصل من بعد ذلك بِالمُسْتَعْمِرِينَ، فإنه ما زال حتى اليوم يعتمد على هؤلاء وأولئك ولو أن أكثرهم يكرهون أن تتكشف حقيقتهم ويؤثرون أن يختفوا وراء مختلف العناوين والأسماء.
(١) انظر المجلات والكتب التي ورد ذكرها في هذه النقطة، وخاصة " العالم الإسلامي " «الإنجليزية» The Muslim World، و " الإسلام " التي تصدر بالإنجليزية في كراتشي - باكستان في أعداد فبراير ومارس وأبريل ومايو لِسَنَةِ ١٩٥٨ و " موجز دائرة المعارف الإسلامية ".