ممن درسوا في فرنسا الآداب الشرقية والثقافة الإسلامية، ويرعاها، كأب روحي، المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون، عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومستشار وزارة المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال إفريقية.
والذين يعاونون هذه المؤسسات من المصريين المثقفين في فرنسا والدارسين للآداب الشرقية العربية أو للتراث الإسلامي الثقافي - يزداد أثرهم كلما اتصل شأنهم واتصلت مشورتهم بتوجيه الأدب، أو الثقافة في مصر. ولذا كان من السهل أنْ نفهم الغاية من عملهم إذا قرأنا هذا الخبر التالي في جريدة يومية، صادرًا عن مصلحة حكومية، يشرف عليها بعض هؤلاء ممن وصفنا. وعنوان الخبر:«إصدار سلسلة كتب عن تاريخ الدين الإسلامي» وتحت هذا العنوان كتبت جريدة " الأخبار " بتاريخ ١٥ أكتوبر من عام ١٩٥٧ ما يلي: «وضع المجلس سلسلة من الكتب: بعضها مترجم عن كتب المُسْتَشْرِقِينَ والبعض الآخر يؤلفه كُتًّابٌ مصريون عن تاريخ الدين الإسلامي والأطوار التي مر بها في عهود الاستعمار. وسيبحث المجلس الأعلى للفنون والآداب في جلسته يوم السبت القادم هذا المشروع للبدء في تنفيذه».
إنه من غير شك أنَّ هناك من له نفوذ في هذا الجلس الأعلى للفنون والآداب، وهو من أنصار اتجاه التبشير والاسْتِشْرَاقَ، وَيُرَوِّجُ لرسالة التبشير والاسْتِشْرَاقَ وهي رسالة الاستعمار دون أن يكون في نفسه أي أثر للشعور بخطورة هذا الاتجاه. فنحن سنرى في الكلام عن الاسْتِشْرَاقِ في هذا البحث، ما يؤكد أنَّ هدف المُسْتَشْرِقِينَ في كتبهم عامة وقاطبة هو التوهين للقيم الإسلامية، وتفتيت الشعوب العربية والإسلامية في علاقاتها وصلات بعضها ببعض.
إنَّ المؤتمر الإسلامي - كمؤسسة إسلامية ناشئة ذات إمكانية خاصة - عليه إزاء التبشير والاسْتِشْرَاقَ:
أولاً: أنْ يساهم في تنقية الحياة المصرية والعربية والإسلامية من رواسب هذين العاملين فيعهد عملاءهما من حياة التوجيه في مصر في جوانبها المتعددة، ويكون ذا صلة وثيقة بوزارة التربية والتعليم في الإشراف على حياة مصرية إسلامية أفضل في مدارس المبشرين - وهي المدارس الدينية التابعة للفاتيكان في طوابعها المختلفة، من فرنسية وإيطالية وإسبانية وألمانية وهلم جرًا ... وعلى صلة وثيقة بالصحافة ووزارة الثقافة والإرشاد القومي في توجيه القلم والكتاب.