للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

قَالَ ابْنُ عُقَيْلٍ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ حَيِّزِ التَّمَاسُكِ إِلَى حَيِّزِ / الطَّرَبِ وَالتَّهَوُّرِ فِتَنٌ دَخَلَتْ عَلَى الْعُقُول (من غلبات الطباع وَإِنَّمَا حَظُّ الْعُقُولِ) مِنَ الْحَقَائِقِ التَّلَقِّي بِالْفُهُومِ وَالْجُمُودِ الَّذِي لَا انخراع مَعَه. وَقد قَالَ تَعَالَى: (فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصتُوا) وَقَالَ: (يَمْشُونَ على الأَرْض هونا) .

فَأَمَّا التَّخَبُّطُ وَتَخْرِيقُ الثِّيَابِ وَالصِّيَاحُ فَلَيْسَ مِنْ قَانُونِ الشَّرْعِ. وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِخَفْضِ الصَّوْتِ وَغَضِّهِ، وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى (إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحمير) . وَنَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ. وَهَلْ نَهَتِ الشَّرِيعَةُ عَنْ شُرْبِ الْعُقَارِ إِلَّا لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنَ الْفَسَادِ؟ وَإِنَّمَا الشَّرِيعَةُ وَقَارٌ وَسَدَادٌ.

فَإِنْ قَالَ قَائِل: إِنَّ الَّذِينَ يُمَزِّقُونَ ثِيَابَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ حِينَئِذٍ. فَقَدْ قَالَ ابْنُ عُقَيْلٍ: إِذَا عَلِمُوا / أَنَّ حُضُورَهُمْ تِلْكَ الْأَمَاكِنِ يُوجِبُ لَهُمْ طَرَبًا يُزِيلُ عُقُولَهُمْ أَثِمُوا بِالْحُضُورِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ تَجَنُّبُهَا. هَذَا إِنْ صَدَقُوا فِي غَلَبَةِ الطَّرَبِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَذَبُوا، فَقَدْ أَفْسَدُوا مَعَ الصِّحَّةِ. فَلَا يَسْلَمُونَ فِي الْحَالين.

<<  <   >  >>