فَصْلٌ
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ وَعْظِهِ فَلْيَعْلَمْ أَن أَصْحَاب النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - كَانُوا إِذَا أَرَادُوا الْمَوْعِظَةَ أَمَرُوا رَجُلًا أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةً. ثُمَّ صَارَ الْمُتَكَلِّمُ مِنْهُمْ يضم إِلَى الْقِرَاءَة أَحَادِيث رَسُول الله، وَكَلِمَاتٍ مِنَ الْمَوَاعِظِ كَمَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ. وَكَانَ التَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَعِظُونَ بِكَلِمَاتٍ حِسَانٍ كَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِ. ثُمَّ حَدَثَ الْإِحْدَاثُ وَأَدْخَلُوا فِي الْأَدْوِيَةِ السُّمُومَ عَلَى مَا سبق ذكره.
وسلوك الطَّرِيق الأول الْيَوْم فِيهِ صُعُوبَةٌ لِأَجْلِ الْفِطَامِ عَنِ الْعَادَةِ، وَسُلُوكُ الطَّرِيق الْمُحْدَثَةِ لَا يَصْلُحُ لِمَا فِيهَا مِنَ الْآفَاتِ وَالْمِحَنِ.
وَأَنَا أَتَخَيَّرُ لِلْوَعْظِ طَرِيقًا لَا بَأْسَ بِهَا. فَأَقُولُ: أَمَّا الْمِنْبَرُ فَلَا بَأْسَ بِارْتِقَائِهِ، فقد ارتقاه رَسُول الله ٤) . وَأَمَّا الْفَرْشُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ نَوْعَ احْتِرَامٍ / فِي النُّفُوسِ. أَلَا تَرَى إِلَى أُهْبَةِ الْخَطِيبِ وَدَقِّهِ الْمِنْبَرَ بِالسَّيْفِ، فَإِنَّهُ يُزْعِجُ النُّفُوسَ فَتَتَأَهَّبُ لِتَلَقُّفِ الْإِنْذَارِ. فَأَمَّا إِلْبَاسُ الْمِنْبَرِ الْخِرَقَ الْمُلَوَّنَةَ فَإِنِّي أَكْرَهُهَا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَإِذَا ارْتَقَى الْمِنْبَرَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وَلَا بَأْس أَن يقْرَأ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute