للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يزهَدُون فِيمَا فِي يَدَيْهِ!) انتهى (١).

أنظر ما فعل طاووس - رحمه الله - مع ابن الخليفة، وهذا واللهِ غاية النصح الذي يَعُدُّهُ كثيرون من أهل وقتنا تنفيراً فهو يقول: (أرَدْتُّ أنْ يَعلم أنَّ لِلَّهِ عِبَاداً يزهَدُون فِيمَا فِي يَدَيْهِ!) أيْ ليرجع إلى نفسه ويتفَكَّر في الدنيا وغرورها وأنها ليسَتْ بِشَيءٍ فلا تغرُّهُ كَمَا غَرَّت غيره.

وَمِمَّا يُوضح ذلك قول الإمام أحمد - رحمه الله -: (إذا عَلِمَ مِنْ رَجُل أنه مُقيم على معصيتهِ وهو يعلم بذلك لَم يأثَمْ إنْ هو جفاه حتى يرجع، وإلاَّ كيف يتبين للرجل ما هو عليه إذا لَم يَرَ مُنكِراًَ عليه ولا جَفْوَة من صَدِيق!) انتهى (٢).

فهذا إمام أهل السنة يقول: (وإلاَّ كيف يتبين للرجل ما هو عليه) وكثيرون اليوم يَرمون فاعلَ ذلك بالعظائم!، فتأمَّل نُصْحَ السلف وغرورَ الْخَلَف!.

ومن المقصود بالهجر أيضاً رجوع المهجور عمَّا هو عليه، فقد سُئل الإمام أحمد عن رَجُلٍ مبتَدِع داعية يدعو إلى بدعة .. أيُجَالَس؟!، فقال: (لاَ يُجالَس ولا يُكلَّم لعلَّه أنْ يَرْجِع) (٣).


(١) «حلية الأولياء» (٤/ ١٦)، و «تهذيب الكمال» (١٣/ ٣٧٢).
(٢) أنظر: «غِذاء الألباب»، (١/ ٢٢٠).
(٣) «مسائل الإمام أحمد» برواية ابن هانئ النيسابوري، (٢/ ١٥٣).

<<  <   >  >>