للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يُجاري أهواء الناس وأزمَانِهِم ومُحْدَثَاتِهِم فَيحتَاج كُلُّ زمانٍ إلى مَن يُجدِّده بِمَعنى يُلْبِسهُ مُحْدَثات كل زمان ويُخْرِجه للناس بقَالَب ذلك اللباس الْمُتَناسِب مع ما أحدثوا، بل مَعناه الصحيح داحض لِمَزَاعِمِ أهلِ الْهَوى مُعَاكِس مُعَارِض لأهوائهم حيثُ إنَّ المرادَ بتجديد الدِّين إعادته إلى ما كان عليه في عهد النبوة والخلافة الراشدة بإعادة الناس إليه كما هو بإبطال ما أحدثوا مِمَّا يُفْسِده، وإلاَّ فهو جَديدٌ بنفْسِه إلى نِهَاية الدنيا؛ يُوضِّح ذلك نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن مُحْدَثات الأموُر بعد أمْره بالتمَسُّكِ بِهَدْيِه وهَدْي خُلفَائِه الراشدين (١)، وقد خافَ - صلى الله عليه وسلم - على أمَّته الأئمةَ الْمُضِلِّين (٢)، وقد كَثُروا في وقتنا - لا


(١) حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بسنتي وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين المهديين، تَمَسَّكوا بِهَا وَعَضُّوا عليها بالنواجِذِ، وإياكم ومُحْدَثات الأمُور .. ) الحديث أبو داود برقم (٤٦٠٧)، والترمذي في «سُنَنه» برقم (٢٦٧٦) - وصحَّحَه -، وأحمد في «مسنده» برقم (١٧١٨٤)، وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» برقم (٥)، وغيرهم؛ وكلهم من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه -؛ وصحَّحَه شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٤٩٣) والشوكاني في «السيل الجرَّار» (٤/ ٥٠٤).
(٢) حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما أخافُ على أمتي الأئمة المضلين) أخرجه أبو داود في «سُنَنه» برقم (٤٢٥٢)، والترمذي برقم (٢٢٢٩)، وأحمد في «مسنده» برقم (٢٢٤٤٧)، وابن حبان في «صحيحه» برقم (٦٧١٤)، والحاكم في «مستدركه» برقم (٨٣٩٠)، وغيرهم؛ وكلهم من حديث ثوبان - رضي الله عنه - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال الحاكم عقِبه: (حديث صحيح على شرط الشيخين ولَم يُخرِّجاه بِهَذه السِّيَاقة) ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>