للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهم ومقاطعتهم وقام بحقهم الذي ذكر «ابن أبي جمرة» من دَعْوَتِهِم، فإذا أصَرُّوا دعا لهم بِظَهْرِ الغيب بالهداية، فيكون بِهَذا قد أدَّى حقَّ اللهِ وحقَّهُم.

وقد قال ابن القيم - رحمه الله - عن مشروعية الهجر في ذَاتِ الله تعالى:

وَاهْجُرْ وَلَوْ كُلَّ الوَرَى فِي ذَاتِهِ ... لاَ فِي هَواكَ وَنَخْوَةِ الشَّيْطَانِ

وَاصْبِرْ بِغَيْرِ تَسَخُّطٍ وَشِِكَايَةٍ ... وَاصْفَحْ بِغَيْرِ عِتَابِ مَنْ هُوَ جَانِي

وَاهْجُرْهُمُ الْهَجْرَ الْجَمِيلَ بِلاَ أَذَى ... إِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْهُجْرَانِ (١)

إنَّ الذي ميزانه مَدْحُ الناس وذَمُّهُم يصعب عليه البُغْضُ في الله والْهَجْر فيه، أمَّا مَالك بن دِينار - رحمه الله - فَيَقُولُ: (مُنذُ عَرفتُ الناسَ لَمْ أفرحْ بِمَدحهم ولَمْ أحزن لِِذَمِّهم).

قالوا: كيف ذلك يا أبا يَحْيَى؟!.

قال: (إنِّي لاَ أرَى إلاَّ مَادِحاً مُفْرِطاً أوْ ذَامًّا مُفْرِطاً) انتهى (٢).

وحَسْبك بِرَضا الله تعالى فهو الذي مَدْحُه يَزِين وَذَمُّه يَشِين (٣)،


(١) «الكافية الشافية بشرح ابن عيسى " توضيح المقاصد "»، (١/ ١٣٩).
(٢) «العزلة» للخطابي ص (٦١).
(٣) جاء الأقرع بن حابس في وفد بني تميم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنادَى النبي - صلى الله عليه وسلم - من وراء الحجرات فلم يُجبه، فقال: (يا محمد .. إنَّ مدحي زيْن وإنَّ ذَمِّي شين!)، فخرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (ويلك!، ذاك الله عزَّ وجل) فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}؛ أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» برقم (١٦٠٣٤) وغيره.

<<  <   >  >>