للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك ولَمْ يَبلُغْه النهي، فَحَسُنَ تعليمه برِفْق، فلو تكلم اليوم إنسان في الصلاة، هل يكون مثل هذا، فلا ينتهر ولا يغلظ عليه؟ فلابد من معرفة تباين الأحوال لتغاير صور مثل هذه الأحكام.

أما اليهودي الذي زاره النبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - جاءَ إليه يَدْعُوه إلى الإسلام، ومن استدل بِهَذا على مداهنة العصاة ومجالستهم وموادَّتِهم فَضْلاً عن الكفار فقد قال أعظم الفرية على الدين، وكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان اليهودي في النَّزْع، فدعاه - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام فأسْلَم، وكان هذا عمله - صلى الله عليه وسلم - يأتي المشركين وأهل الكتاب، ويدعوهم إلى الله تعالى، وليس هو يُوَادهم ويأنس بِمُجَالَسَتِهم!؛ هذا لا يقوله مُسلم، كيف وقد أنزل الله تعالى عليه: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٢).

وَلِمُفْتَرٍ أنْ يقول: " إنَّ مُوسَى زَارَ فِرعَون " - لَمَّا ذَهب إليه يدعوه إِلى رَبِّه - فهي مِثْل ذَهاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهودي ودَعْوَتِه إلى الله تعالى!.


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (١٢٩٠) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٢) سورة المجادلة، آية: ٢٢.

<<  <   >  >>