[يا فرحتنا ... اقترب رمضان]
الحمد لله كثيرًا كما أنعم علينا كثيرًا.
الحمد لله الذي شرفنا وكرمنا على سائر خلقه وأنعم علينا نعمًا لا تُعد ولا تُحصى.
الحمد لربنا الذي لا تزال هداياه ومنحه تتوالى علينا بتوالي الليل والنهار، والصلاة والسلام على الهادي البشير ... المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فها هي الأيام تمضي، وها هو رمضان يقترب قدومه ويقترب، حاملاً معه- كما عودنا- بشريات كثيرة، وهدايا متنوعة ما بين مغفرة للذنوب، وعتق من النار، ورفع للدرجات ومضاعفة للحسنات.
رمضان أتى ليؤكد لنا حب الله عز وجل لعباده على الرغم من إعراضهم عنه، ومخالفتهم لأوامره، وانتهاكهم لحرماته، فهو سبحانه يريد الخير للجميع، ويتيح لهم الفرصة تلو الفرصة، ويهيئ لهم الجو المناسب لاتخاذ قرار العودة إليه والصلح معه ... وها هو رمضان قد أتى ليحمل لنا هذه الرسالة {أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآَمِنِينَ}. فيا لفرحتنا، ويا لسعادتنا ببلوغنا رمضان.
[حدد هدفك]
أخي في الله:
رمضان على الأبواب ... رمضان هدية من رب العباد تحمل في طياتها كل ما يعيدنا إليه ويقربنا منه ... فماذا عسانا أن نفعل معه؟!
إنها فرصة لا تتكرر إلا مرة كل عام، وما يدرينا أين سنكون في العام القادم!!
فهيا بنا نُحسن الاستفادة من هذه المنحة ...
هيا بنا نغتنم الفرصة، ونتعرض للنفحة، ونتسابق في الخيرات.
ولكن قبل أن نبدأ السباق لابد أن نحدد هدفنا الرئيس الذي نريد أن نبلغه في هذا الشهر حتى نضع الوسائل المناسبة لتحقيقه ...
[قبل أن نبدأ]
أخي .. قبل أن تحدد هدفك تذكر هذه الأمور:
* أننا نريد أن نستمر على الاستقامة والهمة العالية لفعل الصالحات بعد رمضان ..
* الاستمرار على الاستقامة بعد رمضان يستلزم زيادة حقيقية للإيمان في القلب ..
* أن الرجلين يكون مقامهما في صف الصلاة واحدًا، وبين صلاتهما ما بين السماء والأرض، وليس ذلك لاختلاف حركات البدن، ولكن لاختلاف ما في قلبيهما من إيمان وخشوع.
* أن الله عز وجل يحب منا أن يحضر القلب أثناء الطاعة {لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} [الحج:٣٧].
* أن حضور القلب مع الطاعة أكثر ثوابًا بمشيئة الله من عدم حضوره.
* لو أن ملكًا من الملوك أهدى إليه أحد رعيته جواهر كثيرة مقلدة ورديئة، بينما أهدى إليه آخر جوهرة واحدة حقيقية .. فأيهما سينال حب الملك .. وأيهما سيقرب منه ويجزل له العطاء؟
[لعلكم تتقون]
فإن كان الأمر كذلك فماذا ينبغي أن يكون هدفنا عند زيارة رمضان لنا؟ ألا توافقني- أخي الكريم- أن الهدف الأسمى هو إحياء القلب وملؤه بالإيمان، لتدب الروح في الأعمال وتستمر الاستقامة بعد ذهاب شهر رمضان؟
ألم يحدد لنا القرآن هذا الهدف في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:١٨٣]. وهل التقوى إلا صورة ومظهر عظيم لحياة القلب وتمكن الإيمان منه؟!
فلنرفع علم التقوى ولنضعه نصب أعيننا ولنشمر للوصول إليه خلال هذا الشهر الكريم.