للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: صاحب الهمّة العالية يستفيد من حياته أعظم استفادة, وتكون أوقاته مستثمرة بنّاءة:

وهذا هو مطمع الصالحين ومراد العالمين ومجال المتنافسين, وقد كان السلف رحمهم الله يضربون أعظم الأمثلة في هذا المجال, وحسبي في هذا الأمر أن أورد مثالين:

أكان الإمام ابن عقيل الحنبليّ (١) يقول:

((إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري, حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة, وبصري عن مطالعة, أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح)) (٢).

ب ووصف الإمام النوويّ (٣) حياته لتلميذه أبي الحسن ابن العطار (٤) فذكر له أنه

كان يقرأ كل يوم اثني عشر درساً على مشايخه شرحاً وتصحيحاً: درسين في

((الوسيط)) , ودرساً في ((المهذب)) (٥) , ودرساً في صحيح مسلم, ودرساً في ((اللمع)) (٦) لابن جنّي (٧) , ودرساً في إصلاح المنطق، ودرساً في التصريف، ودرساً في أصول الفقه,


(١) الإمام العلامة البحر, شيخ الحنابلة, أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد البغداديّ الحنبليّ المتكلم, صاحب التصانيف. ولد سنة ٤٣١, وخالط المعتزلة فانحرف عن السنة, وكان يتوقد ذكاء, بحرُ معارف, وكان كريماً, توفي سنة ٥٠٣ وكان الناس في جنازته يفوقون الحصر. انظر ((سير أعلام النبلاء)): ١٩/ ٤٤٣ - ٤٥١.
(٢) ((الوقت هو الحياة)): ١٧٨.
(٣) يحيى بن شرف بن مُرِّي, الإمام المشهور, توفي سنة ٦٧٦ عن ٤٥ سنة. انظر ترجمته في ((فوات الوفيات)): ٤/ ٢٦٤ - ٢٦٨.
(٤) علي بن ابراهيم بن داود, أبو الحسن, من أهل دمشق, ولد سنة ٦٥٤, وكان أبوه عطاراً وجده طبيباً, ألف مؤلفات عديدة, وباشر مشيخة المدرسة النورية ٣٠ سنة, توفي سنة ٧٢٤ رحمه الله تعالى. انظر ((الأعلام)): ٤/ ٢٥١.
(٥) كتاب في الفقه الشافعيّ لأبي إسحاق الشيرازيّ, شرحه الإمام النوويّ في كتابه ((المجموع)).
(٦) كتاب في النحو.
(٧) إمام العربية, أبو الفتح عثمان بن جنيّ الموصليّ, صاحب التصانيف, له نظم جيد, توفي سنة ٣٩٢ عن قرابة ٦٣ سنة رحمه الله تعالى. انظر ((سير أعلام النبلاء)): ١٧/ ١٧ - ١٩.

<<  <   >  >>