للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلام الصحاح.

وفيه أن مجرد الرجوع عن الذنب توبة، والمراد برجوعه عنه: اعترافه بأنه قد ظلم نفسه، وجلب عليها الإثم بسبب خروجه عن دائرة الحلال إلى دائرة الحرام، فإذا رجع من دائرة الحرام إلى دائرة الحلال نادما على فعله، عازما على أن لا يعود إليه، فذلك هو الرجوع. وانظر كيف ذكر صاحب الصحاح (١) عقب قوله: التوبة: الرجوع من الذنب، ما هو كالتصريح. بمعنى الرجوع، وكالدليل عليه حيث قال: وفي الحديث: (الندم توبة) (٢).

وقال في القاموس (٣): " تاب إلى الله توبا وتوبة ومتابا، وتابة، وتتوبة [٣أ] رجع عن المعصية. وهو تائب، وتواب، وتاب الله عليه، وفقه للتوبة، أو رجع به من التشديد إلى التخفيف، أو رجع عليه بفضله وقبوله، وهو تواب على عباده " انتهى.

والكلام فيه كالكلام الذي قدمنا بعد كلام الصحاح.

(الوجه الثالث): أن التوبة (٤) في لسان أهل الشرع واصطلاحهم؟ هي أن يجمع المذنب بين ندمه على الذنب، وعزمه على أن لا يعود. فمن جمع بين الأمرين، فهو تائب. ومن تاب، تاب الله عليه، والقاذف إذا ندم على قذفه، وعزم على أن لا يعود إلى شيء من ذلك، فهو تائب، ومن أوجب عليه أن يكذب نفسه، فقد أخذ في حد التوبة قيدا لم يعتبره الله في كتابه، ولا رسوله في سنته، ولا أهل اللغة العربية في لغتهم، ولا أهل الشرع في اصطلاحهم.


(١) (١/ ٩١)
(٢) مسبق تخريجه
(٣) (ص ٧٩).
(٤) انظر مدارج السالكين لابن القيم (١/ ٢٠٨ - ٢١٥)