للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيح، وندم قد تطابق عليه الظاهر والباطن.

وفائدته، أن هذا التائب، لو أظهر بلسانه (١) العزم على عدم المعاودة للقذف. والندم على ما فرط منه، وأفعاله تدل على ما يخالف ذلك، كأن يتوب من قذفه لشخص، واشتغل بالقذف لآخر، أو يقارف أعمالا لا يقارفها من يتوب ويخاف العقوبة، فإن هذا، وإن كان قد جاء. مما يطلق عليه اسم التوبة، ويتسم به مفهومها، باعتبار عبارات لسانه، لكن قد تبين لنا. مما يعقبها من الأعمال التي هي من الإفساد، لا من الإصلاح، أنه كاذب فيها.

فإن قلت: إذا ظهر لنا عند صدور التوبة (٢) منه ما يدل على الإصلاح من الأعمال والأقوال، ثم أعرض عن ذلك، وعافى إلى الأعمال التي هي مجانبة للصلاح؟

قلت: قد فعل ما شرطه الله- سبحانه- من التوبة والإصلاح، فذهب عنه اسم الفسق، وزال المانع من قبول الشهادة [٧ب] وهذه الأعمال التي عملها من بعد، وهي مخالفة للصلاح، يلزمه حكمها. فإن كانت موجبة للفسق، ومانعة من قبول الشهادة، كان هذا سببا من أسباب الفسق آخر، ومانعا من الموانع لقبول الشهادة غير المانع الأول.

وإن كان غير موجبة لذلك، ولكنها من جملة ما يصدق عليه اسم المعصية فهو عاص بها، وهو غير فاسق، وشهادته مقبولة.

وفي هذا المقدار كفاية، والله ولي التوفيق.

حرره مؤلفه- غفر الله له- في نهار يوم السبت لعله حادي وعشرون شهر الحجة سنة ١٢٢٤.


(١) انظر تفصيل ذلك في مدارج السالكين (١/ ٤٠٥ - ٤٠٧)
(٢) انظر مدارج السالكين لابن القيم (١/ ٣٣٠ وما بعدها)