شبهة، والمقام [٦ب] يحتاج إلى بسط طويل إذا أردنا إيراد كل حجة، وتعقبناها. مما يدفعها، ففي هذا الأحمال ما يغني عن التفصيل، وفي هذا الاختصار، ما يكفي عن التطويل.
وأما الجواب عن الأمر الثاني، وهو معنى الإصلاح الذي ضمه الله- سبحانه- إلى التوبة، فقد قال جماعة من أصحاب الشافعي وغيرهم: إنه لابد من مضي مدة بعد التوبة، يتبين فيها صدق توبته، وحسن رجوعه. مما يعلمه من الأعمال الصالحة، التي تطابق العدالة، وتوافق التقوى، وقدروا هذه المدة بسنة، لاشتمالها على الفصول الأربعة، التي تؤثر في اختلاف الطبائع كما قالوا في العنين (١)، إنه يؤجل سنة لمده العفة. ولا يخفى أن هذا التأجيل والتقدير بالمدة رأي محض، لم يدل عليه دليل.
وقيل المراد بالإصلاح إصلاح التوبة نفسها، بأن يصدرها على وجه حسن غير مشوب بشائبة تخالف الصواب، وهذا مدفوع بعطف الإصلاح على التوبة، فإن ذلك مشعر بأنه مغاير إلا، وأيضا يكون ذكر الإصلاح غير مفيد لفائدة مقبولة، لأن مسمى التوبة. لا يكون إلا بعد كونها صالحة صادرة عن وجه خالص عن الشوائب المخالفة للصواب.
وإذا كان معنى التوبة لا يتم إلا إذا، فتفسير الإصلاح. مما هو داخل في معنى التوبة، وتمام مفهوميتها، وصدق اسمها، تفسير خال عن الفائدة، وتكرار عاطل [٧أ] عن ا لجدوى.
فالحق أن الإصلاح المدلول عليه بقوله تعالى:{وأصلحوا}: هو صدور ما يسمى إصلاحا من أعمال في الصادرة عن التائبين، لأنه يتبين بذلك أن توبته صادرة عن عزم
(١) العنين: العاجز عن الجماع لمرض شرعا: من لا يقدر على جماع فرج زوجته لمانع منه، ككبر سن أو سحر. ا لقاموس المقهى (ص٢٦٣)