للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستثناء، رجع الاستثناء (١) إلى الجميع، وهذا يعرف ضعف مذهب من قال بالوقف لاختلاف هذه الآيات في رجوع الاستثناء إلى البعض تارة، وإلى الكل أخرى، فإن ذلك لم يكن لأمر يوجب الوقف بل لدليل دل على التخصيص.

ومحل النزاع هو حيث لم يدل الدليل على تخصيص بعض الجمل بحكم دون غيره، وكان العطف بالواو، وكان التعاطف بين جمل لا يين مفردات.

وقد ذهب إلى الوقف (٢) القاضي أبو بكر الباقلاني (٣)، والغزالي (٤)، وجماعة من المتأخرين، ورجحه غير واحد من المتكلمين في الأصول، وأوردوا من الأدلة على ذلك ما هو خارج عن محل النزاع، غير موجب للتوقف.

وقد ذهب القاضي عبد الجبار (٥)، وأبو الحسين البصري (٦) إلى أنه إن ظهر الإضراب عن الجمل الأولى، فهو للأخيرة، وإلا كان للجميع. وهذا أيضًا مذهب ساقط، فإن محل النزاع، وموطن الخلاف، هو حيث لم يرد ما يدل على ما يخالف رجوع القيد إلى الجميع، وهاهنا، الإضراب عن الجمل الأولى هو دليل تعين الأخيرة للقيد المذكور بعدها.

وبالجملة، فكل الحجج التي احتج بها من قال: إنه يعود الاستثناء إلى الأخيرة أو إلى البعض تارة، وإلى الكل أخرى، هي حجج خارجة عن محل النزاع، لا ترد على من قال بأنه يرجع إلى الجميع كما هو مذهب الجمهور، وهو الحق الذي لا شك فيه، ولا


(١) انظر البحر المحيط (٣/ ٣٠٧) وقد تقدم
(٢) انظر الكوكب المنير (٣/ ٣١٤). المسودة (ص١٥٦)، التبصرة (ص ١٧٣). وقد تقدم ذكر ذلك في أول الرسالة
(٣) ذكره الآمدي في "الإحكام" (٢/ ٣٢٣)
(٤) في المنخول (ص ١٦١)
(٥) ذكره الآمدي في "الإحكام" (٢/ ٣٢٣)
(٦) في المعتمد (١/ ٢٦٥)