للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكس (١) لغفر الله له" (٢).

وانضم إلى هذا الدليل إجماع المسلمين قرنا بعد قرن، وعصرا بعد عصر أن التوبة لا تسقط الحد، ولم يرو عن أحد ما يخالف ذلك، إلا ما قدمناه عن الشعبي، وهو مع مخالفته للإجماع مخالف للدليل.

وهكذا القول في آية القتل (٣) خطأ، وتخصيص القيد ببعض الجمل المذكورة [٦أ] فيها، هو بدليل دل على ذلك.

وأما آية (٤) المحارب، فلما لم يوجد ما يدل على تخصيص بعض جملها بقيد يخالف


(١) المكس: هو الجباية. وعلب استعماله فيما يأخذه أعوان الظلمة عند البيع والشراء.
قال الشاعر:
وفي كل أسواق العراق إتاوة ... وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم
والمكاس: صاحب المكس. وهو داخل في قوله تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الشورى: ٤٢.
والمكاس فيه شبه من قاطع الطريق، وهو شر من اللص، فإن من عسف الناس وجدد عليهم ضرائب، فهو أظلم وأغشم ممن أنصف في مكسه ورفق برعيته، وجابي المكس وكاتبه. وأخذه من جندي وصحيح وصاحب زاوية شركاء في الوزر، أكالون للسحت.
انظر: "الكبائر" للذهبي (ص ١٤٩ - ١٥١) الكبيرة السابعة والعشرون.
(٢) أخرجه مسلم رقم (٢٣/ ١٦٩٥) وأبو داود رقم (٤٤٤٢) من حديث بريدة في حديث- المرأة الغامدية التي زنت وهو حديث صحيح
(٣) [النساء: ٩٢] {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}.
تقدم التعليق على ذلك.
(٤) [المائدة: ٣٣ - ٣٤] {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}