للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السؤال الأول

قد نطقت الآيات القرآنية، وشهدت الأخبار النبوية، وأجمعت الأمة المحمدية على وجوب توحيد الله- سبحانه وتعالى- بالعبادة، وقال عز من قائل عليم: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (١) {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} (٢)، وكذلك تواترت الأحاديث الواردات، وتتابعت الآيات البينات على تحريم الشرك بالله- سبحانه- في العبادات، سواء كان ذلك جليا أو خفيا {من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار} (٣)، وقال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (٤).

وفي هذا مباحث يتضح ها المعنى، ويستقيم عليها المبنى:

الأول: أن الدعوة لغير الله شرك، وفي التفاسير أن المراد بها العبادة في كثير منها، فالمراد بالعبادة التوحيد كما ذكره ابن عباس (٥) - رضي الله عنهما-.


(١) الذاريات (٥٦).
(٢) البينة (٥).
(٣) المائدة (٧٢).
(٤) النساء (٤٨، ١١٦).
(٥) قال ابن كثير في تفسيره (١/ ١٩٥): عن ابن عباس قال: قال الله تعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم} للفريقين جميعا من الكفار المنافقين، أي وحدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم ".
وقال ابن الجوزي في زاد المسير (١/ ٤٧ - ٤٨): اختلف العلماء فيمن عني بهذا الخطاب على أربعة أقوال:
١ - أنه عام في جميع الناس، وهو قول ابن عباس.
٢ - أنه خطاب لليهود دون غيرهم، قاله الحسن ومجاهد.
٣ - أنه خطاب للكفار من مشركي العرب وغيرهم، قاله السدي.
٤ - أنه خطاب للمنافقين واليهود، قاله مقاتل. والناس اسم للحيوان الآدمي؛ وسموا بذلك لتحركهم في مرادتهم. والنوس: الحركة. وقيل: سموا أناسا لما يعتريهم من النسيان.
والمراد هاهنا بالعبادة قولان:
أحدهما: التوحيد.
والثاني: الطاعة، رويا عن ابن عباس.
وانظر: " جامع البيان " للطبري
(١/ ١٢٥).