للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكيف وهو فرد! وهم الكل. وأيضا الغالب في هذه السور المختصرة كالسور التي هي قبل هذه السورة، والتي هي بعدها أنها مكية، والحمل على الغالب مرجح مستقل كما تقرر في الأصول. وقد كان لهذه السورة شأن عظيم عند السلف- رضي الله عنهم- فأخرج الطبراني في الأوسط (١)، والبيهقي في الشعب (٢) عن أبي مدينة الدارمي (٣)، وكانت ما له صحبة قال: كان الرجلان من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر ثم يسلم أحدهما على الآخر قلت: ولعل الحامل لهم على ذلك ما اشتملت عليه من الموعظة الحسنة من التواصي بالحق والتواصي بالصبر [١أ] بعد الحكم على هذا النوع الإنساني حكما مؤكدا بأنه في خسر، فإن ذلك مما ترجف له القلوب، وتقشعر عنده الجلود، وتقف لديه الشعور، وكأن كل واحد من المتلاقين يقول لصاحبه: أنا وأنت وسائر أبناء جنسنا وأهل جلدتنا خاسر لا محالة إلا أن يتخلص عن هذه الرزية، وينجو بنفسه عن هذه البلية بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق وبالصبر، فيحمله الخوف الممزوج بالرجاء على فتح أسباب النجاء، وقرع أبواب الالتجاء، فإن قلت: كيف وقع منهم تخصيص هذه السورة هذه المزية دون غيرها من السور المختصرة؟ قلت: وجه ذلك ما قدمنا من اشتمالها على ما اشتملت عليه ترهيبا وترغيبا، وتحذيرا وتبصيرا، وإنذارا وإعذارا، بخلاف غيرها من السور، فإنك تجدها غير مشتملة على ما اشتملت عليه هذه. انظر إلى السورة التي قبلها (٤) فإنها خاصة بالتهديد والتشديد على .... .... .... .... .... .... .... .....


(١) (٥/ ٢١٥ رقم ٥١٢٤) وأورده الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٣٣) وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح.
(٢) رقم (٩٠٥٧) كلاهما عن أبي مدينة الدارمي.
وهو حديث صحيح.
(٣) وهو عبد الله بن مضر. انظر: تجريد أسماء الصحابة (٢/ ٢٠٠ رقم ٢٣١٢)
(٤) سورة التكاثر