(٢) قال تعال عن نوح: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ} الأعراف: ٦٢. وعن هود: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} الأعراف: ٦٨. وأخرج البخاري في صحيحة رقم (٧٢٠٤) ومسلم رقم (٩٩/ ٥٦) من حديث جرير قال بايعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السمع والطاعة فلقنني (فيما استطعت والنصح لكل مسلم). النصيحة: كلمة جامعة، معناها حيازة الحظ للمنصوح له. قال: ويقال: هو من وجيز الأسماء، ومختصر الكلام، وليس في كلام العرب كلمة مفردة يستوفي بها العبارة عن معنى هذه الكلمة، كما قالوا في الفلاح: ليس في كلام العرب كلمة أجمع لخير الدنيا والآخرة منه. قال: وقيل: النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه. فشبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له، مما يسده من حلل الثوب. قال: وقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع، شبهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط. قال: ومعنى الحديث: عماد الدين وقوامه النصيحة. كقوله: "الحج عرفة" أي عماده ومعظمه عرفة. وقال ابن بطال رحمه الله في هذا الحديث: إن النصيحة تسمى دينا وإسلاما، وإن الدين يقع على العمل كما يقع على القول. قال: والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة." ١ هـ. " فتح الباري" (١٣/ ١٩٧) و" المفهم" (١/ ٢٤٣).