للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستدرك (١) فلا دليل في ذلك، فإن دلالتها على الفصل لا يستلزم أنها ليست بآية، لا عقلا، ولا شرعا، ولا عادة. وهكذا لا وجه لعدها آية مستقلة في الفاتحة دون غيرها، لأنه إن استدل بالرسم فالرسم للبسملة في الفاتحة كالرسم لها في غيرها من السور، وإن استدل بغير ذلك فما هو؟ إذا عرفت هذا فقد وقع الاتفاق على أنها بعض آية في سورة النمل، والكلام على هذه [٢أ] الأقوال استدلا وترجيحا وتصحيحا مدون في مواضع بسطه ومتعلق الباء محذوف (٢)، وهو أقرأ، أو أتلو، أو نحو ذلك. مما يناسب ما جعلت التسمية مبدأ له، فمن قدره متقدما كان غرضه الدلالة بتقديمه على الاهتمام بشأن الفعل، ومن قدره متأخرا كان غرضه الدلالة بتأخيره منع الاختصاص مع ما يحصل في ضمن ذلك من العناية بشأن الاسم، والإشارة إلى أن البداية به أهم لكون الترك حصل به، وهذا يظهر ترجيح تقدير الفعل متأخرا في مثل هذا المقام، ولا يعارضه قوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (٣) لأن ذلك المقام مقام القراءة، وكان الأمر بها أهم. وقد اختلف أئمة النحو (٤) في المقدر هو اسم (٥) أو فعل (٦)! ومن قدر الفعل نظر إلى كون الأصل في العمل، ومن قدر الاسم نظر إلى ما فيه من الدلالة على الدوام والثبات، والاسم أصله سمو حذفت لامه، ولما كان من الأسماء التي بنوا أوائلها على السكون زادوا في


(١) (١/ ٢٣٢) وصححه.
(٢) قال صاحب "الفريد في إعراب القرار المجيد" (١/ ١٥١): فإن قلت: بم تعلقت الباء قلت:. بمحذوف وفيه تقديران: أحدهما ابتدائي بسم الله، والتقدير ثابت أو مستقر بسم الله. فيكون موضعه رفعا والآخر- بدأت أو أبدأ، فيكون موضعه نصبا.
وقيل: هو أمر أي ابدأوا بسم الله، وإنما قدر الابتداء، لأن الحال تدل عليه.
(٣) [العلق: ١].
(٤) انظر " إعراب القرآن وبيانه" محيط الدين الدرويش (١/ ٩)
(٥) وهو قول أهل البصرة أن المتعلق به اسم.
(٦) وهو قول أهل الكوفة أن المتعلق به فعل.
انظر: الدر المصون (١/ ٢٢).