للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العصر الذي هو الدهر لما كان كثير من الغافلين ينسبون ما ينابهم من السعادة والشقاوة إليه أقسم الله به بلزوم الخسر لهم، وأنهم في خسر لا يتخلصون عنه إلا. مما تضمنه الاستتناء، ومع ذلك فقد ثبت في الصحيح (١): " لا تسبوا الدهر؟ فإن الله هو الدهر ". وفي هذا مخصص للأقسام به ظاهر في فاتحة هذه السورة المشتملة على التهديد ومزيد الوعيد.

فإن قلت هل من نكتة في ذكر الإنسان في هذه الآية مع إمكان أن يؤتى مكانه بالناس أو ما يفيد مفاده؟ قلت يمكن أن يقال: إن هذا اللفظ- أعني الإنسان- خاص هذا النوع لا يتناول غيره، ولا يشاركه فيه سواه، بخلاف لفظ الناس، فإنه كما في كتب اللغة (٢) يطلق على الجن كما يطلق على الإنس، وعلى ناس الإبل وهو ساقها.

فإن قلت: هل من نكتة في ذكر الخسر دون الهلاك، أو الشقاء، أو العذاب، أو ما يؤدي هذا المعنى؟ قلت: يمن أن يقال أن النكتة في ذكره دلالته على تلك المعاني المتنوعة من الهلاك والنقص، وسائر ما ذكرناه هنالك، فإن ذلك قد يكون أنصب بأحوال الأشخاص المختلفين في إهمال الشريعة بأسرها وهم الكفار، وفي النقص منها وهم العصاة من هذه الأمة، وهذا لا ينافي ما رجحناه فيما تقدم من حملة على الهلاك. فإن قلت: ما وجه المجيء بالموصول في قوله: {إلا الذين آمنوا} وهلا اكتفى. مما هو أخصر فقال: إلا المؤمنين؟ قلت: أبرء بالموصول فيه فوائد ذكرها أهل المعاني، ولو لم يكن منها إلا الدلالة على التعظيم لشأنه، وما أحق المؤمنين بذاك!. وقد دل العطف بقوله: {وعملوا الصالحات} على أول لا بد من .... .... .... .....


(١) أخرجه مسلم رقم (٥/ ٢٢٤٦) وأحمد (٤/ ٤٩٦) من حديث أبي هريرة. وأورده الهيثمي في المجمع (٨/ ٧١) وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وهو حديث صحيح.
(٢) لسان العرب (١/ ٢٣٣).