للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الإيمان بقدره ما يثلج به قلبه، وتقر به عينه، ويطمئن إليه خاطره، فيخرج عن مضيق الهموم والغموم والحسرات والكربات إلى متسع التسليم والرضا. مما يجري به القضاء. اللهم ارزقنا الإيمان بقدرك على الوجه الذي تريده منا مع حلول ألطافك الخفية علينا، ووصول توفيقاتك المباركة إلينا. يا من بيده في كله، دقه وجله، وكما تختلف أحوال الإيمان باختلاف الأحوال والأشخاص كذلك يختلف عمل الصالحات باختلاف الأحوال والأشخاص، فالعمل مع الخلوص والتينزه عن شوائب الرياء، والبعد من آفات الغفلة يتضاعف ويكثر ثوابه، ويعظم أجره بخلاف ما لم يكن على هذه الصفة. والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية منادية بذلك بأعلى صوت، ففي بعضها التصريح بأن فاعل ذلك العمل يوفي أجره بغير حساب (١)، وفي بعضها إلى سبع مائه ضعف (٢)، وفي بعضها إلى أكثر من ذلك (٣)، وفي بعضها أن الحسنة بعشرة أمثالها (٤)، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

فإن قلت: قوله: {وعملوا} يدل على أنه يوفى عمل الصالحات مرة واحدة، لأن الفعل من باب المطلق، فيصدق معناه بالمرة الواحدة، وليس في الصنعة ما يدل على التكرار، وأكثر الأعمال الصالحة التي تحتم على الإنسان واجبة على جهة التكرار، بحيث


(١) سها قوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} الزمر:١٠.
(٢) للحديث الذي أخرجه مسلم رقم (١١٥١) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل عمل ابن آدم يضاعف: الحسنة بعشر أمثاها إلى سبعمائة ضعف "
(٣) أخرج البخاري في صحيحة رقم (١٩٠٤) ومسلم رقم (١٦٣/ ١١٥١) وأبو داود رقم (٢٣٦٣) والترمذي رقم (٧٦٤) والنسائي (٤/ ١٦٢ - ١٦٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به ".
(٤) أخرج الترمذي في السنن رقم (٢٩١٢) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول: (ألم) حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف