للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يدخل تحت قدرة البشر، فإن الصالحات لا يمكن الإحاطة ها فضلا عن أن يمكن فعل كل واحدة منها. قلت: هذا التحريف (١) يمكن أن يراد به العهد (٢)، فتكون الصالحات هي المعهود التي يتحتم القيام ها كما قدمنا، وقد قال المحقق الرضي في شرح الكافي: إن التعريف العهدي هو الأصل في أقسام التعريف المذكورة في علم النحو والمعاني، والحكم بأصالته يقتض تقديم الحمل عليه، ويمكن أن تكون للجن!، وذلك لا يستلزم الإحاطة بكل أفراد الصالحات، بل يدخل فيها ما يتحتم القيام به دخولا أوليا، ثم يكون ما عدا ذلك على حكمه الذي يتصف به من كونه مسنونا أو مندوبا أو نحو ذلك، فيفعل العبد منها ما يشاء أن يؤجر عليه، ويكثر به ثوابه وتتعاظم به حسناته.

واعلم أن هذا النظم القرآني قد دل أكمل دلالة على أن الإيمان الذي هو التصديق لابد أن ينضم إليه العمل كما هو المذهب الحق، وفيه أوضح رد، وأكمل فح لقول من يقول أنه لا يلزم ضم العمل إلي الإيمان كما يذهب إليه بعض المرجئة (٣).

واعلم أنها تتفاوت أقدام المؤمنين في التصديق، فقد يكون إيمان الرجل ثابتا كالجبال الرواسي بحيث لا يتزلزل لشبهة، ولا يتقهقر لشك ولا تشكيك، وقد يكون دون ذلك. ولهذا قال الجمهور (٤): إن الإيمان يزيد وينقص، وهو الحق، وذلك مما يعلمه كل عاقل، ولا سيما الإيمان بالقدر، فإن بعض أفراد العباد قد يمنحه الله- سبحانه-[٩أ]


(١) سبق التعليق عليها
(٢) انظر تفصيل دلك في البحر المحيط (٣/ ٨٩).
(٣) تقدم التعريف بها
(٤) انظر الفتح (١/ ٤٠)