للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفسير (١) عن مجاهد، وأبي العالية، والحسن، بل روى ما يفيد ذلك الخطيب (٢)، وابن عساكر (٣) عن الزهري، عن أنس عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أن المراد بقوله


(١) قال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن "
(٢٠/ ١١٣ - ١١٥): قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} وفيه مسألتان:
الأولى: وقد ذكرها الشوكاني آنفا.
أما الثانية: قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}، أي إلى أرذل العمر وهو الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوة، حتى يصير كالصبي في الحال الأول. قاله الضحاك والكلبي وغيرهما.
وروى أبي نجيح عن مجاهد: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} إلى النار، يعني الكافر وقاله أبو العالية.
وقيل: لما وصفه الله بتلك الصفات الجليلة التي ربما الإنسان عليها، طفي وعلا حتى قال: {أنا ربكم الأعلى} وحين علم الله هذا من عبده، وقضاؤه صادر من عنده. رده أسفل سافلين، بأن جعله مملوعا قذرا، مشحونا نجاسة وأخرجها على ظاهره إخراجا منكرا، على وجه الاختيار تارة، وعلى رجه الغلبة أخرى، حتى إذا شاهد ذلك من أمره رجع إلى قدره.
وقرأ عبد الله بن مسعود {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} وقال: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} على الجمع، لأن الإنسان في معنى جمع، ولو قال: أسفل سافل جاز، لأن لفظ الإنسان واحد. وتقول: هذا أفضل قائم. ولا تقول أفضل قائمين، لأنك تضمر لواحد، فإن كاد الواحد غير مضمر له، رجع احمه بالتوحيد والجمع، كقوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر:٣٣]
وقوله تعالى: {إِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} [الشورى: ٤٨] وقد قيل: إن معنى {رددنه أسفل سافلين}، أي رددناه إلى الضلال، كما قال تعالى:
{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي إلا هؤلاء فلا يردون إلى ذلك. والاستثناء على قول من قال {أسفل سافلين}، النار، متصل ومن قال: إنه الهرم فهو نقطع.
(٢) ذكره السيوطي في " الدر المنثور
(٣) ذكره السيوطي في " الدر المنثور