للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{ثم رددنه أسفل سافلين} عبدة الأوثان من اللات والعزى، والمراد بقوله: {إلا الذين آمنوا} أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي. ولكن في إسناد هذا الحديث مجهول، فلا تقوم به حجة. وأما على تفسير الجمهور فلا، وهو الظاهر الذي يدلا عليه قوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} أي في أحسن شكل وتعديل {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} أي إلى أرذل العمر وهو الهرم (١) والضعف بعد الشباب والقوة. ولابد على هذا التفسير من حمل الاستثناء على الانقطاع، أي لكن الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون، ووجه ذلك أن الهرم والرد إلى أرذل العمر يصاب به المؤمن كما يصاب به الكافر، فلا يكون الاستثناء متصلا، ففي التفسير الأول مرجح، وهو حمل الاستثناء على الاتصال الذي هو أصله، وللتفسير الثاني الذي هو تفسير الجمهور مرجح وهو قوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} فإن قلت: هل يمكن حمل الاستثناء على الاتصال على ما يطابق تفسير الجمهور؟ قلت: يمكن أن يقال أن الرد إلى أسفل سافلين هو الرد إلى حال ذهاب العقل وسقوط القوى، وذهاب الحواس على وجه شديد بالغ إلى الغاية، والغالب صيانة صالح العباد عن مثل ذلك، واللطف هم عن البلوغ إلى هذه الغاية، فيكون الاستثناء على هذا متصلا، ويكون باعتبار الغالب، وذلك مشاهد محسوس عناية من الله- عز وجل- بأهل الصلاح التام، والهدى القويم. وقد ورد ما يدل على أن المراد في هذه الآية هو التفسير الذي ذهب إليه الجمهور، فأخرج ابن جرير (٢)، وابن أبي حاتم (٣)، وابن مردويه (٤) عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} يقول: يرد


(١) عزاه ابن جريري "جامع البيان" (١٥/ ج٣٠/ ٢٤٤).
(٢) في جامع البيان (١٥/ ج٣٠/ ٢٤٤).
(٣) في تفسيره (١٠/ ٣٤٤٨ رقم ١٩٤٠٩).
(٤) عزاه إليه السيوطى في " الدر المنثور " (٨/ ٥٥٨).