للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السؤال الثاني

عن الراجح لديكم في مسألة خلق الأفعال حسنها (١) وقبيحها، وخيرها وشرها، هل يكون ذلك لله تعالى اختراعا وإبداعا، ووقوعا وارتفاعا؟، لعموم الآيات في ذلك، وشمول الأحاديث فيما هنالك، خصوصا ما في صحيح مسلم (٢) في ذلك مما يطول سرده، بل في جواب سؤال جبريل أعظم دليل.


(١) الحسن والقبح يطلق بثلاثة، اعتبارات:
١ - \ بمعنى ملاءمة الطبع ومنافرته كقولنا: إنقاذ الغريق حسن واتهام البريء قبيح.
٢ - \ ما أشير إليه بقوله أو بمعنى (صفة كمال ونقص، كقولنا: العلم حسن والجهل قبيح).
وكل منهما عقلي أي أن العقل يستقل بإدراكهما من غير توقف على الشرع.
٣ - \ إطلاق الحسن والقبح بمعنى المدح والثواب وبمعنى (الذم والعقاب: شرعي. فلا حاكم إلا الله تعالى، والعقل لا يحسِّن ولا يقبِّح. ولا يوجب ولا يحرم.
وقال ابن حجر في الفتح (١٣/ ٢٧٤) نقلا عن السمعاني: " إن العقل لا يوجب شيئا، ولا يحرم شيئا، ولاحظ له في شيء من ذلك، ولو لم يرد الشرع بحكم ما وجب على أحد شيء.
إن فعل غير المكلف ليس حسنا ولا قبيحا بمعنى أن الحسن ما أمر الله به، والقبيح ما نهى الله عنه. والصغير أو المجنون غير مكلف، كما أن فعله لا يوصف بحسن ولا قبح بمعنى أن ما لفاعله فعله مع كونه متمكنا منه، عالما بحاله، والقبيح عكسه. لأن غير المكلف ليس عالما بحاله. ولا متمكنا من فعله. فلا يوصف فعله بحسن ولا قبح. كما لا يوصف فعل الصغير أو المجنون بالحسن والقبح بمعنى الثواب والعقاب، لأن هؤلاء لا يكتب لهم ثواب، ولا ينزل بهم عقاب.
انظر: المسودة (ص ٤٧٣، ٤٧٧)، إرشاد الفحول (ص ٧)، تيسير التحرير (٢/ ١٥٢) والعواصم والقواصم (٧/ ٧ - ٨).
(٢) أخرجه مسلم (١/ ٣٦ - ٣٨) رقم (١/ ٨) من حديث عمر بن الخطاب وهو حديث جامع لأصول الدين وشرائعه ومراتبه وشعبه القولية والعملية، وهو حديث عظيم الشأن، جليل كبير جامع نافع، سمى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما احتوى عليه (الدين) فقال: " هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " وهو حديث مشهور في كتب السنة عن جماعة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأبو هريرة وأبو ذر، وعبد الله بن عباس، وأبو عامر الأشعري، وغيرهم رضي الله عنهم.