للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: {وتواصوا بالصبر} الصبر ضد الجزع، والمراد به هنا الصبر على المكاره (١) البقرة:

١٥٥ - ١٥٧ (٢) التي تعرض للعبد في بدنه أو أهله أو ماله، فإن من صبر على ذلك لكونه من قدر الله، وما قضى به عليه كأن ذلك صبرا محمودا، ومنه الصبر عن معاصي الله- عز وجل-، والصبر على ما يقوم به من فرائضه من المداومة عليها وإيقاعها على الوجه المأمور به، ولاسيما ما كان يحتاج العالم به إلى مشقة كالجهاد، والحج، وبعض أنواع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. فإن قلت: ما وجه تخصيص التواصي بالصبر بالذكر مع دخوله تحت التواصي بالحق بعد دخوله تحت عمل الصالحات؟ قلت: وجه ذلك أنه لما كان الصبر. منزلة عظيمة، ورتبه فخيمة كما يفيد ذلك قوله- سبحانه- {إن الله مع الصابرين} (٣)، {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (٤) كان إفراده بالذكر بعد قوله تحت ما قبله دليلا على ارتفاع درجته، ومزيد شرفه، كما هو النكتة لذكر الخاص بعد اندراجه تحص عموم متقدم عليه، أو متأخر عنه.


(١) قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}
(٢) وقال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:٣٥.].
وقال تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: ٦٥]
وقال تعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} لقمان: [١٧].
قال تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} الرعد: [٢٢].
(٣) الأنفال:٤٦
(٤) الزمر:١٠