للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو الجهل بالعدالة والفسق، فلا يلزم من انتفاء الفسق انتفاء التثبت.

الطريقة الثانية ذكرها المحقق العضد (١) وهي عدم تسليم أن المنتفي هنا هو الفسق، بل العلم به، ولا يلزم من عدم العلم بالشيء عدمه، والمطلوب العلم بانتفائه، ولا يحصل إلا بالخير أو التركيبة.

الحجة الثانية: أن ظاهره الصدق كإخباره، فيقبل كإخباره بأن اللحم مذكاة، وبكون الماء طاهرًا أو نجسًا، ورد أولًا بأن ذلك ليس محل النزاع، إذ محله فيما يشترط فيه عدم الفسق، وذلك مما يقبله فيه الفاسق [٥ ب]. قال العضد وابن الإمام اتفاقًا، وثانيًا أن الرواية أعلى مرتبة من هذه الأمور لأنها تثبت شرعًا عامًا فلا يلزم من القبول [٨] في ذلك القبول في الرواية.

الحجة الثالثة: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحن نحكم (٢) بالظاهر، وهذا ظاهر، إذ يوجب ظنًا، ولذلك


(١) في شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٦٤ - ٦٦).
(٢) قال العراقي في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في منهاج البيضاوي رقم (٧٨): "لا أصل له، وسئل عنه المزي فأنكره ".
وكذلك قال ابن كثير والسخاوي كما في "المقاصد الحسنة" رقم (١٧٨) وأيضًا السيوطي كما في "كشف الخفاء" للعجلوني رقم (٥٨٥) وانظر: "موافقة الخبر الخبر" لابن حجر (١/ ١٨١ - ١٨٣).
قلت: وقد ورد في السنة ما يؤدي معناه:
منها: ما أخرجه البخاري رقم (٦٩٦٧) ومسلم رقم (٤/ ١٧١٣) عن أم سلمة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع ... ". وهو حديث صحيح.
ومنها: ما أخرجه النسائي (٨/ ٢٣٣) وترجم له في باب الحكم بالظاهر. ومسلم في صحيحه رقم (١٤٤/ ١٠٦٤) من حديث أبي سعيد: "إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم".
وهو حديث صحيح.
وما أخرجه مسلم رقم (١٢/ ١٤٩٧) من حديث ابن عباس في قصة الملاعنة: " لو كنت راجمًا أحدًا من غير بينة رجمتها". وهو حديث صحيح.