للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه الجُلَّة في الجملة.

أقول هذا السؤال قد اشتمل على أبحاث:

الأول: ما ذكره السائل عافاه الله، من كون الدعاء عبادة ليترتب عليه ما رتبه.

فاعلم أن الدعاء نوع من أنواع العبادة المطلوبة من العباد ولو لم يكن في الكتاب العزيز إلا مجرد طلبه منهم لكان ذلك مفيدا للمطلوب، أعني كونه من العبادة قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (١) وقال سبحانه: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (٢)، وقال تعالى: {ادعوني أستجب لكم} (٣) فهذه الآيات البينات دلت على أن الدعاء مطلوب لله عز وجل من عباده، ثم توعد على عدم الدعاء فقال عز من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (٤) وهذا القدر [٢] يكفي في إثبات كونه عبادة فكيف إذا انضم إلى ذلك النهي عن دعاء غير الله سبحانه، قال الله عز وجل: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (٥)، وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} (٦) وقال سبحانه ناعيا على من يدعو غيره ضاربا له الأمثال: {إن الذين تدعون من دون الله عباد}


(١) [الأعراف: ٥٥ - ٥٦].
(٢) [الإسراء: ١١٠].
(٣) [غافر: ٦٠].
(٤) [غافر: ٦٠].
(٥) [الجن: ١٨].
(٦) [الرعد: ١٤].