للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بسم الله الرحمن الرحيم]

أحمدك: لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأصلي وأسلم على رسولك وآله وصحبه، وبعد:

فإنه ورد سؤال من الشيخ العلامة علي بن محمد بن عبد الوهاب (١) -كثر الله فوائده- وهذا لفظه:

عرض لي إشكال في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت بها أنسفها (٢) ما لم


(١) هو أكبر أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنًا رحمه الله، فقد كان الشيخ يكني به.
ولد علي بن محمد بن عبد الوهاب في مدينة الدرعية. ونشأ بها وأخذ العلم عن والده الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
قال عنه الشيخ عبد الرحمن بن قاسم: "الشيخ علي الإمام العلامة الثقة الزاهد الورع. كان شهمًا همامًا، فقيهًا، صدوقًا" وكان يحضر المغازي مع الغازي من أئمة آل سعود. توفي سنة ١٢٤٥ هـ. "علماء نجد خلال ستة قرون (٣/ ٧٣٥ - ٧٣٦" عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح البسام.
(٢) قال ابن منظور في "لسان العرب" (١٤/ ٢٣٣): النفس: الروح، قال ابن سيده.
قال أبو إسحاق: النفس في كلام العرب يجري على ضربين: أحدهما قولك خرجت نفس فلان أي روحه. وفي نفس فلان أن يفعل كذا وكذا أي في روعه، والضرب الآخر معنى النفس فيه معنى جملة الشيء وحقيقته، تقول: قتل فلان نفسه وأهلك نفسه أي أوقع الإهلاك بذاته كلها وحقيقته، والجمع من كل ذلك أنفس ونفوس.
وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم (٢/ ١٤٧ - ١٤٨): ضبط العلماء أنفسها بالنصب والرفع وهما ظاهران إلا أن النصب أظهر وأشهر.
قال ابن رشد: روي الحديث بالوجهين، فمعنى الرفع: ما وقع من الخطرات دون قصد.
ومعنى النصب: ما حدثت به أنفسها أن تفعله ولم تفعله. قال: ويؤيد هذا لفظ التجاوز، لأنه إنما يكون عما اكتسب.
وقال الأبي في إكمال إكمال المعلم (١/ ٣٩٥): أن في النفس ثلاث خطرات: خطرات لا تقصد ولا تندفع ولا تستقر، وهم وعزم. فالخطرات خاف الصحابة أن يكونوا كلفوا بالتحفظ منها، ثم رفع ذلك الخوف، وأما الهم وهو حديث النفس اختيارًا أن تفعل ما يوافقها فغير مؤاخذ به.