للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتكلم أو تعمل به" (١): ما هو هذا المغفور؟ هل هو شيء يستقر في القلب (٢)، ويريده الإنسان أم هو خاطر يمر على القلب لا يستقر (٣)، ولا يريده الإنسان؟ فإن كان الأول: فكيف من نوى الردة مثلًا -والعياذ بالله- ولم يرتكب موجبها من قول أو فعل؟ وكذلك من عزم على فعل ذنب من الذنوب في حينه أم معلقًا على وصول شيء ونحو ذلك؟ وكذلك من دخل في عبادة من صلاة أو صيام أو طهارة (٤) ثم نوى إبطالها والخروج منها من غير فعل يوجب البطلان؟

فإن قلتم إنه يكفر ويأثم وتبطل عبادته، فما قولكم في من نوى الطلاق أو العتاق


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٥٢٨، ٥٢٦٩) ومسلم رقم (١٢٧) وأبو داود رقم (٢٢٠٩) والنسائي رقم (٣٤٣٤) والترمذي رقم (١١٨٣) وابن ماجه رقم (٢٠٤١، ٢٠٤٤) وابن حبان في صحيحه رقم (٤٣١٩) وأحمد في مسنده (٢/ ٣٩٣، ٤٢٥، ٤٧٤، ٤٨١) والطيالسي في مسنده (ص ٣٢٢ رقم ٢٤٥٩).
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم به".
(٢) قال الرازي في تفسيره (٧/ ١٢٥): أن الخواطر الحاصلة في القلب على قسمين فمنها ما يوطن الإنسان نفسه عليه ويعزم على إدخاله في الوجود، ومنها ما لا يكون كذلك، بل تكون أمورًا خاطرة بالبال مع أن الإنسان يكرهها، ولكنه لا يمكنه دفعها عن النفس، فالقسم الأول يكون مؤاخذًا به، والثاني لا يكون مؤاخذًا به. ألا ترى إلى قوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}.
وقال في آخر هذه السورة: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}. وقال: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا}.
(٣) قال الرازي في تفسيره (٧/ ١٢٥): أن الخواطر الحاصلة في القلب على قسمين فمنها ما يوطن الإنسان نفسه عليه ويعزم على إدخاله في الوجود، ومنها ما لا يكون كذلك بل تكون أمورًا خاطرة بالبال مع أن الإنسان يكرهها، ولكنه لا يمكنه دفعها عن النفس، فالقسم الأول يكون مؤاخذًا به، والثاني لا يكون مؤاخذًا به. ألا ترى إلى قوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}.
وقال في آخر هذه السورة: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}. وقال: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا}.
(٤) قال ابن الجوزي: إذا حدث نفسه بالمعصية لم يؤاخذ، فإن عزم وصمم زاد على حديث النفس وهو من عمل القلب. قال: والدليل على التفريق بين الهم والعزم أن من كان في الصلاة فوقع في خاطره أن يقطعها لم تنقطع، فإن صمم على قطعها بطلت.
انظر: "فتح الباري" (١١/ ٣٢٧).