للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معروف في كتب التفسير، وفي كتب شروح الحديث.

وكما أن تخصيص المؤاخذة بالحرص على القتل وإخراجه من تلك العمومات لما ذكرنا؛ فكذلك أيضًا تخصيص المؤاخذة (١) بالإرادة بإلحاد بظلم في البيت الحرام أو في الحرم له وجه ظاهر واضح، وهو كون ذلك المريد في ذلك المكان المقدس المطهر الذي هو محل للطاعات، لا للمعاصي.

ولهذا ورد في الترغيب في الطاعات فيه، ومضاعفة ثوابها (٢) ما ورد. وورد أيضًا- في الترهيب عن المعاصي (٣) فيه، وكثرة إثمها ما ورد، مما هو معروف.

فإن قلت: هل يكون من هذا القبيل المخصص لتلك العمومات ما ورد في شأن أهل القرية التي أصبحت كالصريم، فإن الله عاقبهم بمجرد قولهم: {أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين} (٤).

قلت: ليس من هذا القبيل؛ فإنهم قد تكلموا بما عزموا عليه، كما حكى الله عنهم في قوله: {فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين} (٥).


(١) انظر "فتح الباري" (١١/ ٣٢٨).
(٢) انظر تفسير ابن كثير (٢/ ٣٣٢ - ٣٣٥).
(٣) انظر تفسير ابن كثير (٥/ ٤٠٨).
(٤) [القلم: ٢٤]
(٥) [القلم: ٢٣ - ٢٤].
قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (١٨/ ٢٤١): في هذه الآية دليل على أن العزم مما يؤاخذ به الإنسان، لأنهم عزموا على أن يفعلوا فعوقبوا قبل فعلهم، ونظير هذه الآية قوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}.
وقال الطبري في "جامع البيان" (١٤\ ج ٢٩/ ٣٤): صح أن الذي هو أولى بتأويل الآية قول من قال: معنى قوله {وغدوا على حرد قادرين} وغدوا على أمر قد قصدوه واعتمدوه واستسروه بينهم، قادرين عليه في أنفسهم.