للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشاهدة قد سميت بأسماء، ثم ما كان منها في جهة السفل [فهي] (١) الأرض، وما كان منها في جهة العلو فهو السماء، ولكل نوع من الأجسام والأعراض الكائنة في الحيزين اسم يخصه ويتميز به عن غيره، فهذه الموجودات الخارجية هي بالنسبة إلى الموجودات التي ستكون في الآخرة دنيا؛ لأنها دنت منا، أي: قربت، وتلك أخرى [٥ أ] لأنها تأخرت عنا، أي: بعدت، وهكذا ما يوجد من المأكولات والمشروبات والملبوسات وسائر ما يستمتع [به] (٢) في هذه الدار يقال له: دنيا؛ لأنها دنت ودنا الانتفاع بها بالنسبة إلى المأكولات والمشروبات [والملبوسات] (٣) ونحوها التي ستكون في الدار الآخرة؛ لأن هذه لما كانت قريبة وتلك بعيدة كانت هذه دنيا وتلك أخرى، وهكذا الحياة الكائنة في هذه الدار فإنها دنيا لدنوها بالنسبة إلى الحياة الكائنة في الآخرة، ولهذا وصفها الله سبحانه بالحياة الدنيا أي: القريبة، وهكذا الأزمان والأكوان الكائنة في هذه الدار، فإنها دنيا لأنها دنت [بالنسبة] (٤) إلى الأكوان [والأزمان] (٥) الكائنة في الآخرة.

إذا عرفت هذا فقد تطلق هذه الصفة - أعني الدنيا - على جميع هذه الأشياء، وذلك إذا قوبلت بالآخرة كما قدمنا تحقيقه [٩]، وقد تطلق هذه الصفة على بعض هذه المذكورات كالحياة الدنيا، وقد يضاف بعض هذه المذكورات إلى الدنيا كمتاع الدنيا من باب إضافة الشيء إلى أصله أو إلى جنسه كخاتم حديد ورطل زيت ورجل القوم، ومن ذلك: " الدنيا ملعونة، وملعون ما فيها " (٦)، فإنه أطلقها على بعض ما تطلق عليه، وجعل البعض الآخر كالمغاير لها من جهة كونه مظروفا لها، والظرف غير المظروف،


(١) في (ب): فهو.
(٢) زيادة من (ب).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) في (ب): الأزمنة.
(٦) تقدم تخريجه، وهو حديث حسن.