للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه (١)، أو ما يلازمها نحو يجب الوفاء به، أو يوجب الحنث فما المخصص، فالأدلة الصحيحة على أن كل عهد يجب الوفاء به أو التكفير عنه، وذلك كما يكون إتيانه عملا (٢) من أعمال البر، وهو معنى: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} (٣) في وجه، وعلى فرض صحة هذا الحديث فهو لا يقوى لمعارضة غيره، ثم هل المراد بالظالم الحالف بمعنى أن حلفه وفجوره من جملة الظلم أو المراد المحلوف له؟ قال الله سبحانه: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} (٤) والركون الميل


(١) قاله الزركشي.
(٢) في المخطوط (غير)، ولعل الصواب (عملا).
(٣) [البقرة: ٢٢٤]، قال ابن كثير في تفسيره (١/ ٦٠٠): أي لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها.
(٤) [هود: ١١٣]، قال ابن كثير في تفسيره (٤/ ٣٥٤) عن ابن عباس: ولا تميلوا إلى الذين ظلموا، وهذا القول حسن، أي: لا تستعينوا بالظلمة فتكونوا كأنكم قد رضيتم بباقي صنيعهم.
قال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (٩/ ١٠٨): قوله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون) فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: (ولا تركنوا): الركون حقيقة الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به، قال قتادة: معناه لا تودوهم ولا تطيعوهم. . . وقال ابن زيد: الركون هنا الادهان، وذلك ألا ينكر عليهم كفرهم.
الثانية: قرأ الجمهور: (ولا تركنوا) يفتح الكاف، قال أبو عمرو: هي لغة أهل الحجاز، وقرأ طلحة بن مصدف وغيرهما: (تركنوا) بضم الكاف، قال الفراء: وهي لغة تميم.
الثالثة: قوله تعالى (إلى الذين ظلموا): قيل: أهل الشرك، وقيل: عامة فيهم وفي العصاة. . .
وهذا هو الصحيح في معنى الآية، وأنها دالة على هجران الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم، فإن صحبتهم كفر أو معصية؛ إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة. . .
الرابع: قوله تعالى: (فتمسكم النار) أي: تحرقكم بمخالطتهم ومصاحبتهم وممالأتهم على إعراضهم وموافقتهم في أمورهم.